ابن الهائم عالم رياضيات نشأ في القدس وانتسب إليها
الجزيرة.نت -

أحد أبرز علماء الرياضيات والحساب في العالم، ولد في مصر عام 1352م، نشأ في القدس ولقب بالمقدسي، وتوفي فيها عام 1412م، وكان فقيها وواعظا وشاعرا.

المولد والنشأة

هو أحمد بن محمد بن عماد الدين بن علي أبو العباس شهاب الدين ابن الهائم، كما عرّفه الكاتب والمؤرخ خير الدين الزركلي (1892م-1976م) في كتاب "الأعلام"، ولد في القاهرة في حي "القرافة الصغرى" عام 1352م، ولقب بالمصري نسبة إلى مسقط رأسه.

شب في مصر على حفظ القرآن الكريم ودرس العلوم الإسلامية وعلوم اللغة العربية، وتلقى العلم عن مجموعة من العلماء، أبرزهم العلامة سراج الدين البلقيني (1324م-1403م)، ثم انتقل إلى مدينة القدس، وأقام فيها بقية عمره حتى لقب بالمقدسي.

قال عنه المؤرخ وعالم الحديث شمس الدين السخاوي (1428م-1497م) في كتابه "الضوء اللامع لأهل القرن التاسع" إنه "كان خيّراً مُهاباً معظماً قوّاماً بالحق، علاّمة في الفقه وفرائضه والحساب وأنواعه والنحو وإعرابه وغير ذلك، وانتهت إليه الرياسة في الحساب والفرائض، وجمع في ذلك عدة مؤلفات عليها عَوّلَ مَن بعده".

حياته

أقام ابن الهائم في القدس وعمل فيها واعظا وفقيها ومدرسا لعلوم الرياضيات والحساب، وكان يقضي نهاره في التدريس ثم ينتقل إلى المسجد الأقصى واعظا ومفتيا. استنابه العلامة زين الدين المصري على المدرسة الصلاحية، ومن تلاميذه ابن حجر علامة، العماد بن شرف، الزين ماهر، والتقي القلقشندي.

إسهاماته في الحضارة الإسلامية

رفد ابن الهائم الحضارة الإسلامية بمؤلفاته الرياضية، وكان أحد أبرز علماء الرياضيات والحساب في العالم، ومن أبرز إنجازاته ابتكار طرق مبسطة لعمليات ضرب الأعداد أودعها في كتابه المعروف باسم "اللمع في الحساب".

كما درّس مسائل علم الفرائض وحساب الميراث، وكان من أهم علماء عصره في هذا العلم، وألّف قصيدة ألفية عن علم الفرائض أطلق عليها اسم "الكفاية"، ومما جاء فيها:

يقول أحمد هو ابن الهائم *** الحمد لله المليك الدائم

ثم الصلاة والسلام أبدا *** على الرسول للأنام أحمدا

وآله وصحبه الكرام *** ثم الدعا لشيخنا الإمام

علي الشهير بالجلاوي *** وكل حبر ناصح مداوي

هذا وإن أفضل العلوم *** شريعة المصور الحكيم

لا سيما الفرائض الذي أتت *** فيه مقالة النبي واشتهرت

من حثه لنا على تحصيله *** علما وتعليما ومن تفضيله

كتب ابن الهائم في علم الحساب الغباري، وهو الذي يحتاج إلى أدوات -كالورقة والقلم أو الآلة الحاسبة- لإيجاد الناتج، كما كتب في الحساب الهوائي، وهو ما يطلق عليه اليوم الحساب العقلي أو الذهني، فلا يحتاج إلى ورقة وقلم ولا لآلة حاسبة لإيجاد الناتج، وبحث في كيفية تمييز الأعداد الأولية عن غيرها من الأعداد.

نماذج من طرق الحل التي وضعها ابن الهائم

وضع ابن الهائم طريقة سهلة وسريعة لضرب الأعداد في (15)، إذ وجدت مقولة في كتابه "اللمع في الحساب"، تقول لحل مسألة ضرب أي عدد في (15)، نجمع العدد مع نصفه ونضربه في (10) ثم نحصل على الناتج.

مؤلفاته

ترك ابن الهائم عشرات المؤلفات الكاملة وغير الكاملة في الحساب والجبر والفرائض والفقه والتفسير والنحو والشعر، ومن مؤلفاته الكاملة:

كتاب "التبيان في تفسير غريب القرآن" لمؤلفه ابن الهائم (الجزيرة)
  • التبيان في تفسير غريب القرآن.
  • المعونة في الحساب الهوائي.
  • التحرير لدلالة نجاسة الخنزير.
  • رسالة التحفة القدسية في أخبار الرجبية.
  • تحقيق المعقول والمنقول في نفي الحكم الشرعي عن الأفعال قبل بعثة الرسول.
  • الحاوي في الحساب.
  • خلاصة الخلاصة في النحو.
  • شرح الأرجوزة الياسمينية في الجبر والمقابلة.
  • رسالة اللمع في الحساب.
  • غاية السول في الإقرار بالدين المجهول.
  • مرشد الطالب إلى أسنى المطالب.
  • المقنع في الجبر والمقابلة.
  • المفتاح في الحساب.
  • نزهة النفوس في بيان حكم التعامل بالفلوس.
  • والمسمع في شرح المقنع.

أما مؤلفاته غير الكاملة فمنها:

  • إبراز الخفايا في فن الوصايا.
  • البحر العجاج في شرح المنهاج.
  • شرح الجعبرية في الفرائض.
  • والعقد النضيد في تحقيق كلمة التوحيد.
زاوية باسمه

إلى الغرب من المسجد الأقصى، جنوب باب الناظر، توجد زاوية تعرف بالزاوية الوفائية، تعود إلى العصر المملوكي، وتتألف من طابقين من البناء فيهما كثير من الغرف والقاعات، سميت بالكثير من الأسماء بسبب كثرة ساكنيها، ومنها دار الشيخ شهاب الدين ابن الهائم، لأنه سكن فيها.

وفاته

توفي ابن الهائم عام 1412م ودفن في مقبرة مأمن الله في القدس، وهي واحدة من أكبر المقابر الإسلامية وأقدمها في المدينة، وفيها دفن "العلماء وكبار الفقهاء ورجال الدين ممن ظهروا أيام الحروب الصليبية وقبلها"، كما قال المفكر والكاتب قدري طوقان في كتابه "تُراث العرب العلمي".



إقرأ المزيد