غارديان: فلسطينيون يتحدثون عن استخدامهم دروعا بشرية من قبل الاحتلال
الجزيرة.نت -

أوردت صحيفة "غارديان" أن ثلاثة فلسطينيين أدلوا لها بشهاداتهم بشأن استخدامهم من جانب الجيش الإسرائيلي دروعا بشرية ضد الأفخاخ، والمسلحين من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مشيرة إلى أن هذا الاستخدام للمعتقلين الفلسطينيين ظهر لأول مرة في لقطات بثتها "قناة الجزيرة" في يونيو/حزيران، ويوليو/تموز، وأغسطس/آب الماضية.

وأضافت الصحيفة في تقرير لها إن الشهادات التي جمعتها تتوافق إلى حد كبير مع التقارير التي نشرتها "قناة الجزيرة" وكذلك صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.

ونقلت عن أحد الفلسطينيين الثلاثة قوله إنه وبعد أن أحرقوا منزل عائلته في شمال غزة، فصلته القوات الإسرائيلية عن عائلته واحتجزته، وأخبرته عن أن لديها وظيفة معينة له.

وخلال الأيام الـ 11 التالية في أوائل يوليو/تموز، قال الفلسطيني رامز اسكافي البالغ من العمر 30 عاما إنه اُرسل إلى منازل واحد تلو الآخر في منطقته، الشجاعية، التي يراقبها مرافقوه العسكريون الإسرائيليون. ووفقا لروايته للصحيفة، فقد حولوه إلى درع بشري ضد الأفخاخ المتفجرة ومسلحي حماس.

قال سكافي إنه حاول مقاومة استخدامه من قبلهم، لكنهم بدأوا يضربونه، وأخبره الضابط المسؤول أنه لا يحق له اتخاذ قرار وأن عليه أن يفعل ما يريدون وأن عمله سيكون البحث في المنازل وإخبارهم بمعلومات عن أصحاب المنازل، وبعد الضغط الشديد، لم يتركوا له أي خيار.

كنت خائفا جدا

وفي اليوم التالي قال قبل أن يخرج في دورية مع الجنود الإسرائيليين، "كنت خائفا جدا بسبب الدبابات أمامي والطائرات في السماء فوقي، وعندما لاحظ مرافقي خوفي، أكدوا لي أنهم -الجنود الإسرائيليون- يعلمون أنك معنا".

وذكر التقرير أنه ووفقا لمبلغين تحدثوا إلى مجموعة المحاربين القدامى المنشقين "كسر الصمت"، فإن هذه الممارسة منتشرة على نطاق واسع.

ونقلت غارديان عن تحقيق أجرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية في أغسطس/آب شهادات من جنود إسرائيليين قالوا إن الفلسطينيين الذين استخدموا دروعا يعرفون باسم "الشاويش"، وهي كلمة أصلها تركي تعني "رقيب"، وأشار الجنود إلى أنه كان تكتيكا مؤسسيا وافق عليه كبار الضباط. وقال مجند في وحدة قتالية: "يتم ذلك بمعرفة قائد اللواء، على الأقل".

تكتيك الشاويش

وعلقت الصحيفة بأن استخدام السجناء كدروع بشرية يشكل انتهاكا واضحا لاتفاقيات جنيف ويحظره القانون الإسرائيلي صراحة. وقد نفى الجيش الإسرائيلي أنه يستخدم تكتيك "الشاويش"، مضيفا أن الادعاءات المبلغ عنها "أحيلت لفحصها من قبل السلطات المختصة".

وقال سكافي إنه في عدة مناسبات، أثناء احتجازه، اُجبر على حمل طائرات بدون طيار من طراز "كوادكوبتر" صغيرة إلى المنازل التي يجري تفتيشها حتى يتمكن الإسرائيليون من رؤية ما بداخلها من خلال الكاميرات المدمجة في هذه المسيرات.

وأضاف أنه وبعد أن ينتهي من تصوير المنازل من الداخل ويغادر، يدخلون ويدمرونها، "وكل يوم، بعد أن أؤدي ما يريدون، كانوا يربطون يدي ويغطون عيني، ويخلعون السلاسل فقط عندما كانوا يعطونني الطعام أو يسمحون لي بالذهاب إلى الحمام".

واستمر يقول إنه وفي اليوم السادس من استخدامه لـ "تطهير" المنازل في الشجاعية، تعرض خاطفوه في الجيش الإسرائيلي لإطلاق نار من مسلح من حماس، ما أدى إلى تبادل لإطلاق النار ومواجهة استمرت من الظهر حتى المساء.

تصوير الجثث

وأوضح أنه خلال تلك الفترة استخدموه درعا بشريا، "كنت في الوسط، وقالوا لمقاتل المقاومة سلم نفسك، وإلا سنقتل هذا المدني، وفي النهاية نجح الجنود في قتل مقاتل حماس الوحيد، وأجبروني على دخول المنزل الذي كان المقاتل يستخدمه كموقع قناص وتصوير الجثة بهاتف محمول".

وقال سكافي إن وحدة الجيش الإسرائيلي التي تستخدمه كانت غاضبة منه لأن موقع القناص كان في منزل اُرسل لفحصه في وقت سابق من اليوم، واُتهم سكافي بالمساعدة في إخفاء وجود المسلح.

أقسم سكافي أن الرجل لم يكن هناك عندما قام بتفتيش المنزل، لكنه قال إن احتجاجاته لم تحمه من الضرب المطول، والذي استمر حتى جاء إليه ضابط الوحدة الكبير بعد أربعة أيام من الاستجواب مع طبق من الأرز، وأخبره بأن روايته قد ثبتت صحتها.

في الشجاعية

كما أخبره الضابط نفسه أن عمليات الوحدة في الشجاعية قد انتهت ولن تكون هناك حاجة إليه بعد الآن. وفي اليوم 11 من احتجازه، اُزيلت أغلاله، واُعطي حقيبة تحتوي على طعام وماء وطُلب منه العودة إلى المنزل.

اشتكى سكافي للجنود من أنه كان مرهقا جدا لحمل طرد ثقيل لكنهم قالوا إن الحقيبة ستحدد أنه شخص عمل مع الجيش الإسرائيلي حتى لا يتم استهدافه بنيران إسرائيلية وهو يشق طريقه عبر الشجاعية إلى عائلته.

وأشارت "غارديان" إلى أن الروايات التي قدمها سكافي وغيره من المعتقلين الفلسطينيين السابقين في غزة تؤكد بشكل عام الروايات التي قدمها الجنود الإسرائيليون لوسائل الإعلام والجماعات الناشطة الأخرى.

والفلسطيني الثاني الذي أدلى لغارديان بشهادته اسمه إسماعيل الصوالحي، وهو حداد ومزارع يبلغ من العمر 30 عاما من مخيم جباليا في شمال غزة. قال: "كانوا يأخذوني إلى مهمات معهم، ويرسلوني إلى المنازل التي أمامهم للتأكد من أنها آمنة، ثم يدخلون خلفي، وبعد مغادرتهم، يفجرون المنزل".

اُعتقل الصوالحي بالقرب من معبر كرم أبو سالم في الجنوب في يوليو/تموز الماضي واُجبر على العمل درعا بشريا لوحدة تابعة للجيش الإسرائيلي لمدة 12 يوما من عمليات "التطهير" في رفح.

"يحمون أنفسهم بنا"

وأضاف أن "الجنود كانوا يحمون أنفسهم بنا طوال الوقت خوفا من استهداف المقاومة لهم. كنا مثل اللعب في أيديهم".

أما الفلسطيني الثالث، فهو شاب يبلغ من العمر 35 عاما من بيت لاهيا في شمال غزة، عرّف نفسه فقط باسم أبو سعيد خوفا من الانتقام ولكن تم التحقق من هويته من قبل غارديان. قال إنه اعتقل في فبراير/شباط واستُخدم درعا بشريا على مدى أربع ساعات.

وأوضح: "وضع الجنود الإسرائيليون جهاز تعقب لتحديد المواقع على يدي وقالوا لي إذا حاولت الهرب، فسوف نطلق النار عليك. سنعرف أين أنت. وطُلب مني أن أطرق أبواب أربعة منازل ومدرستين وأطلب من الناس المغادرة-النساء والأطفال أولا ثم الرجال".

وقال: "في إحدى المدارس، كان الوضع خطيرا للغاية. صرخت إلى كل من في المدرسة أن يغادروا بهدوء، ولكن في تلك اللحظة كان هناك إطلاق نار كثيف من قبل الجيش الإسرائيلي واعتقدت أنني سأموت".

في نهاية اليوم، تم أخذ جهاز التعقب منه، وطُلب منه مغادرة المنطقة بعد تزويده بعلم أبيض ليلوح به.

محظور دوليا

وذكرت غارديان أن استخدام السجناء دروعا بشرية محظور بموجب المادة 28 من اتفاقيات جنيف الرابعة.

في عام 2002، أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية أمرا قضائيا يحظر على الجيش الإسرائيلي استخدام ما كان يعرف باسم "إجراء الجوار"، واحتجاز فلسطيني في منطقة الاضطرابات، وأمره بالطرق على أبواب جيرانه والإشراف على "تطهير" منازلهم.

ومع ذلك، استمر استخدام الدروع البشرية. وفي عام 2010، تم تخفيض رتبة اثنين من عناصر الجيش الإسرائيلي لإجبار صبي فلسطيني يبلغ من العمر تسع سنوات على فتح عدد من الحقائب التي يشتبه في أنها تحتوي على متفجرات.

ونقلت غارديان عن بيل فان إسفيلد، المدير المساعد لمنظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الطفل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قوله إن هذه الروايات الموثقة جيدا من قبل هيئات الأمم المتحدة يتكرر حدوثها، وهناك مؤشرات على علم الإسرائيليين بالمشكلة، ولكن لا يوجد أي إجراء، ليس من المستغرب أن تستمر هذه المشكلة الطويلة الأمد.



إقرأ المزيد