"خطة النصر" رؤية أوكرانية لإنهاء الحرب مع روسيا
الجزيرة.نت -

"خطة النصر" تصور أعلن عنه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بهدف تعزيز مواقف أوكرانيا في سياق الحرب الروسية الأوكرانية، التي اندلعت يوم 24 فبراير/شباط 2022، والعمل على "إنهائها بشكل عادل بالتعاون مع الشركاء الدوليين".

تتضمن الخطة خمس نقاط رئيسية وثلاثة ملاحق سرية، وتركز على ضرورة انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، والاستمرار في تعزيز قدرات الدفاع الأوكرانية وتطوير أنظمة ردع فعالة، واستغلال الموارد الاقتصادية الأوكرانية وتعزيزها لضمان تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

سياق تاريخي

في يوم الخميس 24 فبراير/شباط 2022، شنت روسيا حربا واسعة النطاق على أوكرانيا. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه قرر "إجراء عملية عسكرية خاصة لحماية الأشخاص الذين تعرضوا للانتهاكات والإبادة الجماعية من قبل نظام كييف لمدة ثماني سنوات"، ونفى أن تكون روسيا تخطط لاحتلال الأراضي الأوكرانية.

من جانبه، قال زيلينسكي في اليوم ذاته إن روسيا هاجمت أوكرانيا "بطريقة ماكرة"، مقارنا ما فعله بوتين بما قام به الزعيم النازي الألماني أدولف هتلر في الحرب العالمية الثانية.

ومع اشتداد وطأة الحرب، قدم زيلينسكي، ضمن جولة على حلفائه، ما عرفت بـ"خطة النصر"، والتقى كلا من الرئيس الأميركي جو بايدن وقادة بريطانيا وفرنسا وحلف الناتو وآخرين لحشد الدعم للخطة.

وبعد طول انتظار، قدم زيلينسكي يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول 2024 "خطة النصر" للنواب والمجتمع الأوكراني في البرلمان، كما عقد اجتماعا بهذا الشأن مع رؤساء الفصائل البرلمانية.

ما خطة النصر؟

وفقا لزيلينسكي، تهدف خطة النصر إلى تعزيز مواقف أوكرانيا من أجل إنهاء الحرب "بشكل عادل"، بالتعاون مع شركائها، عبر إجبار "الدولة المعتدية" على السلام.

النقاط الرئيسية للخطة

تتألف الخطة التي أعلنها زيلينسكي من خمس نقاط رئيسية وثلاثة ملاحق سرية، وهي مجدولة على مدى زمني محدد لفترة الحرب وما بعدها. والنقاط الرئيسية هي:

دعوة للانضمام إلى الناتو

يقول زيلينسكي إن روسيا "استغلت لعقود من الزمن حالة عدم الاستقرار الجيوسياسي في أوروبا"، مستفيدة من عدم عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي، و"هو ما أغراها بالتعدي على أمن البلاد".

وأكد على ضرورة الدعوة غير المشروطة لانضمام أوكرانيا إلى عضوية حلف شمال الأطلسي، مشيرا إلى أن بلاده تدرك أن هذا الانضمام مرتبط بالمستقبل وليس بالحاضر.

وأضاف أن "على بوتين أن يعترف بفشل حساباته الجيوسياسية، وعلى الشعب الروسي أن يدرك أن قيصره قد خسر على المستوى الجيوسياسي أمام العالم".

استمرار حالة الدفاع

أكد زيلينسكي أن نجاح تنفيذ هذه الخطة يكمن في استمرار عمليات قوات الدفاع والأمن الأوكرانية، وتعزيز مواقعها، وتدمير القدرات الهجومية الروسية في الأراضي الأوكرانية.

وأوضح أن على شركاء أوكرانيا المساعدة في تزويد ألوية الاحتياط التابعة للجيش الأوكراني بالمعدات اللازمة، ورفع مستوى نظام الدفاع الجوي بشكل كاف، وتنفيذ عمليات دفاعية مشتركة مع الجيران في أوروبا لإسقاط الصواريخ والطائرات من دون طيار الروسية.

وأشار إلى أن الخطة تشمل توسيع نطاق عمليات تطوير الصواريخ والطائرات من دون طيار، والاستثمار في زيادة إنتاجها في أوكرانيا.

كما دعا إلى رفع القيود المفروضة على استخدام الأسلحة البعيدة المدى في جميع أنحاء الأراضي الأوكرانية، وضرب المنشآت العسكرية الروسية، وتزويد أوكرانيا بقدرات بعيدة المدى مناسبة.

وطالب بتزويد أوكرانيا ببيانات الأقمار الصناعية والبيانات التي يتم الحصول عليها من خلال وسائل استخباراتية أخرى.

وأكد أن هذه النقطة تتضمن ملحقا سريا لا يمكن الاطلاع عليه إلا من قبل شركاء أوكرانيا الذين يمتلكون القدرات العسكرية المناسبة لدعمها.

ردع "العدوان" الروسي

أكد زيلينسكي أن إستراتيجية "ردع العدوان الروسي" تعتمد على نشر حزمة ردع إستراتيجية شاملة غير نووية على الأراضي الأوكرانية، تكفي لحمايتها من أي تهديد عسكري تشكله روسيا.

وأضاف أن الحزمة "ستضغط على روسيا للقبول بالانضمام إلى عملية دبلوماسية تهدف لإنهاء الحرب بشكل عادل"، أو فقدان قدرتها على مواصلة الحرب نتيجة لاستخدام أوكرانيا حزمة الردع المتقدمة.

وقال زيلينسكي إن "حزمة الردع ستجعل روسيا إما ستذهب إلى الدبلوماسية وإما ستفقد آلتها الحربية"، وهو ما سماها بإستراتيجية "السلام من خلال القوة".

وذكر أن هذه النقطة تتضمن ملحقا سريا تم تسليمه إلى الولايات المتحدة الأميركية وقادة المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وألمانيا.

تعزيز الإمكانات الاقتصادية الإستراتيجية

أكد زيلينسكي أهمية الاستثمار في الموارد الحيوية في أوكرانيا عبر إبرام اتفاقيات خاصة تهدف إلى الحماية المشتركة للموارد المتاحة في البلاد، والاستثمار المشترك واستخدام الإمكانات الاقتصادية المتاحة.

وأوضح أن من شأن هذه الاتفاقيات أن تعزز الضغط على روسيا عبر تدابير مثل تقييد أسعار النفط وتقييد التصدير إلى روسيا والاستيراد منها، وغيرها من التدابير.

وأشار زيلينسكي إلى أن هذه النقطة تتضمن ملحقا سريا، تتم مشاركته فقط مع بعض شركاء أوكرانيا.

ما بعد الحرب

تقترح الخطة العمل على استغلال الخبرات العسكرية الأوكرانية التي اُكتسبت أثناء الحرب لتعزيز دفاع تحالف الناتو بشكل عام وضمان الأمن في أوروبا. وتغيير بعض الوحدات العسكرية الأميركية المتركزة في أوروبا بوحدات أوكرانية بعد انتهاء الحرب.

وأكد زيلينسكي أن "الأوكرانيين يمكن أن يشكلوا القوة التي لا تستطيع روسيا أن تتغلب عليها"، معبرا عن "امتنانه لشركاء أوكرانيا على دعمهم واحترامهم للشعب الأوكراني".

ردود الفعل

وفي رد فعل حول خطة النصر، وصف المتحدث باسم الكرملين الروسي ديمتري بيسكوف الخطة بأنها "خطة سلام عابرة"، وقالت الخارجية الروسية إن خطة زيلينسكي تعني "متاعب لأوكرانيا والشعب الأوكراني".

وأشارت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إلى أن زيلينسكي "يدفع دول حلف شمال الأطلسي إلى الدخول في نزاع مباشر مع بلادنا".

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين وأوروبيين أن البيت الأبيض الأميركي يشعر بالقلق من أن الخطة تفتقر إلى إستراتيجية واضحة للانتصار على روسيا.

وأوضحت الصحيفة أن مسؤولي البيت الأبيض قلقون من أن الخطة لا تقدم خطوات واضحة وقابلة للتنفيذ يمكن للرئيس بايدن دعمها قبل انتهاء ولايته.

وأكدت فرنسا، وفقا لتصريح وزير خارجيتها جان نويل بارو، أنها ستعمل مع المسؤولين الأوكرانيين لحشد الدول الأخرى لدعم "خطة النصر".

ومن جهته، قال المستشار الألماني أولاف شولتز إن بلاده ترفض تزويد كييف بصواريخ كروز طويلة المدى من طراز "توروس".

وأكد في الوقت ذاته دعم ألمانيا القوي لأوكرانيا، مع الحرص على ألا يصبح حلف شمال الأطلسي طرفا في الحرب.



إقرأ المزيد