إيلاف - 6/24/2025 12:17:54 PM - GMT (+3 )

إيلاف من بيروت: في كانون الثاني (يناير) 2025، صافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الإيراني في الكرملين، معلنًا عن توقيع شراكة استراتيجية وُصفت حينها بأنها تحالف جديد في مواجهة النظام العالمي الذي تقوده أميركا. لكن بعد مرور أشهر قليلة، وفي أعقاب موجة من الضربات الجوية الإسرائيلية والأميركية على مواقع عسكرية ونووية داخل إيران، بدا أن تلك الشراكة تفتقر إلى العمق العملي المنتظر.
بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، لم تتلقَّ طهران حتى الآن سوى بيانات دعم لفظية من موسكو، على الرغم من التصعيد العسكري الذي اعتبرته إيران تهديدًا لوجودها. ففي لقائه مع الدبلوماسي الإيراني عباس عراقجي، اكتفى بوتين بإدانة الغارات الأميركية، متجنبًا الإشارة إلى أي دعم عسكري مباشر، ومقترحًا بدلاً من ذلك "التفكير معًا في مخرج من الأزمة".
تحالف هشّ في اختبار ناري
الغارات الأخيرة التي استهدفت منشآت إيرانية نووية وقادة عسكريين بارزين، كشفت حدود التعاون الروسي-الإيراني. وبينما تستخدم موسكو الطائرات المسيّرة الإيرانية في أوكرانيا، لا تبدو مستعدة لمبادلة هذا الدعم بآخر مماثل. ويعلّق الخبير نيكولاي كوزانوف من جامعة قطر قائلًا: "يمكن لإيران أن تطلب دعمًا عسكريًا، لكن موسكو لن تقبل ذلك أبدًا".
التحالف الذي بدا متماسكًا في سوريا، يظهر الآن كتحالف مصلحي، لا يشمل أي بند للدفاع المتبادل، بل يرتكز على تبادل معلومات استخباراتية وحظر مساعدة أعداء الطرفين.
ترقّب بلا مقابل... ومعدات لم تصل
بعد هجوم "حماس" في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، أعلنت إيران عن صفقة مع روسيا تشمل طائرات مقاتلة من طراز "سو-35" ومروحيات هجومية وأنظمة "إس-400". لكن، كما نقلت "وول ستريت جورنال"، لم تحصل طهران إلا على طائرات تدريب من طراز "ياك-130"، وسط تقارير عن ضغوط خليجية ومشكلات إنتاج دفعت موسكو لتأجيل تسليم المعدات المتقدمة.
وفي حين تضررت أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية بالغارات، لم تُستبدل أو تُعزّز، وهو ما دفع طهران إلى تكرار مطالبها خلال زيارة عراقجي الأخيرة. لكن رد بوتين للصحفيين جاء بارداً: "ليس هناك ما يستحق الحديث عنه".
السياسة الروسية: توازن أم تراجع؟
تحاول روسيا اليوم تفادي الانخراط المباشر في الصراع الإسرائيلي-الإيراني، ربما لتجنّب خسارة علاقاتها مع إسرائيل، أو إبقاء باب التفاهم مع الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب مفتوحًا. ويعتقد مراقبون أن موسكو تستفيد من التصعيد عبر ارتفاع أسعار النفط، وتحويل الأنظار عن حربها في أوكرانيا، لكنها لا ترغب بخسارة أخرى على حساب دعم شريك مضطرب.
طهران ليست وحدها... شركاء آخرون خُذلوا
ما تواجهه إيران ليس استثناءً. فقد سبق لأرمينيا أن وجدت نفسها بلا دعم من موسكو خلال صراع ناغورنو-كاراباخ، رغم وجود معاهدة دفاع مشترك. حتى في سوريا، وبعد فقدان بشار الأسد السيطرة العام الماضي، اكتفت موسكو بمنحه اللجوء.
يقول فابريس بوتييه، المستشار السابق في حلف الناتو: "روسيا ليست الصديق الذي يبدو عليه بوتين... غالبًا ما يتخلى عن شركائه عندما يصبحون عبئًا".
"الحليف المستفيد"... إيران بين العزلة والابتزاز
المفارقة أن العزلة التي تسعى طهران إلى كسرها عبر موسكو وبكين، تُستغل – بحسب الباحث السويدي الإيراني تينو سانانداجي – لتسويق معدات عسكرية من الدرجة الثانية بأسعار مرتفعة، أحيانًا دون تسليم فعلي.
ويحذر الباحث الروسي أندري كورتونوف من أن "روسيا لم تستطع منع إسرائيل من تنفيذ ضربة واسعة ضد بلد وقعت معه اتفاقية شراكة استراتيجية قبل خمسة أشهر. من الواضح أن موسكو ليست مستعدة لتجاوز التصريحات السياسية".
إلى أين تميل الكفّة؟
في ميزان المصالح، تبدو إيران الخاسر الأكبر، إذ لم تكسب حتى الآن من شراكتها مع موسكو سوى الوعود والخيبات. بينما تتقدّم روسيا في صفقاتها وتحالفاتها بما يخدم معركتها في أوكرانيا، ويُجنّبها أي انزلاق جديد في نزاع لا تملك رفاهية خوضه الآن.
* أعدت إيلاف التقرير عن"وول ستريت جورنال": المصدر
إقرأ المزيد