الحرب قسّت القلوب والنفوس.. لاكروا: المجتمع الإسرائيلي تلتهمه الوحشية
الجزيرة.نت -

Published On 27/10/2025

|

آخر تحديث: 11:19 (توقيت مكة)

شارِكْ

بعد مرور عامين على اندلاع حرب غزة، يشهد المجتمع الإسرائيلي تحولا عميقا نحو العنف والتوحش، بعد أن أصبحت الحرب عاملا يعيد تشكيل البنية النفسية والاجتماعية للإسرائيليين، وتغلغلت لغة الكراهية والعنف في السياسة والثقافة والحياة اليومية.

بهذه المقدمة افتتحت مراسلة لاكروا في القدس، سيسيل ليموان، تحليلا انطلقت فيه من كلمات أغنية الراب "حربو داربو" التي تمجد الانتقام وتهاجم الفلسطينيين بلغة عنصرية، بعد أن أصبحت من أكثر الأغاني استماعا في إسرائيل، حيث احتُفي بها رسميا.

اقرأ أيضا list of 2 itemsend of list

وفي الوقت الذي وصفت فيه الصحافة الإسرائيلية هذه الأغنية بأنها "تعبر عن الغضب المشروع الذي شعر به الشباب الإسرائيلي بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وتلخص شعورا بالفورة الأخلاقية"، أعرب عدد من الباحثين عن قلقهم من تطبيع العنف في الثقافة الشعبية.

جيش الاحتلال الإسرائيلي دمّر المقر الرئيسي لجمعية الإغاثة الطبية غرب مدينة غزة (الصحافة الفلسطينية)

ويقول عالم الاجتماع الإسرائيلي أساف بوندي إن مثل هذه الأغنية لم يكن من الممكن أن تشرعن في إسرائيل قبل عامين، مؤكدا أن المجتمع الإسرائيلي تغير بعمق، وبالفعل أصدر بوندي، بالتعاون مع المؤرخ آدم راز، كتابا بعنوان "معجم الوحشية"، تناول فيه تطور اللغة، وقال إن "الكلمات فقدت وزنها الأخلاقي".

وجمع الباحثون نحو 150 تعبيرا يستخدم كثيرا في حديث الإسرائيليين عن الحرب، مثل "لا أبرياء في غزة" و"منطقة دمار" و"تهديد وجودي" و"نصر كامل" و"تسوية غزة بالأرض" و"عماليق" و"حيوانات بشرية"، وقال بوندي إن "معظم الإسرائيليين لا يشاركون مباشرة في الحرب، لكنهم شركاء فيها من خلال الكلمات التي يختارونها".

ورأت الكاتبة أن الحرب -التي بدأت في صورة رد عسكري على هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس)- أدت إلى تحول عميق، من أبرز مظاهره انتشار الخطاب الإبادي في الإعلام والثقافة الشعبية، في نوع من التطبيع مع العنف اللغوي يعكس -حسب الباحثين- انهيار "الوزن الأخلاقي للكلمات" وتحوّلها إلى أدوات تحريض وتبرير.

في جنوب الضفة الغربية، فلسطينيون يتمسّكون بالبقاء رغم العنف وهدم منازلهم (الفرنسية)
"يتجاوز التوحش"

وأشار بعض علماء الاجتماع والمؤرخين -حسب المراسلة- إلى أن القادة السياسيين، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لعبوا دورا حاسما في ترسيخ هذه اللغة العدوانية، وفتحوا بخطابهم بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الباب أمام "كراهية جماعية مبررة" جعلت من العنف وسيلةً للتعبير عن الوطنية والقوة.

إعلان

ونبهت سيسيل ليموان إلى تزايد في التسلح والعنف الداخلي شهده المجتمع الإسرائيلي، حيث تضاعف عدد حاملي السلاح المدني منذ 2022، وارتفعت معدلات العنف الأسري، خاصة في الأسر التي خدم فيها الطرفان في الجيش، حتى إن الباحثة دانييلا شيبار شابيرا حذرت من أن الحرب الحالية لا تبرر العنف فقط، بل تمجده وتحوله إلى قيمة اجتماعية.

أما في الضفة الغربية وغزة -كما تقول المراسلة- فقد وصل العنف إلى مستويات غير مسبوقة، حيث يقتل عشرات الفلسطينيين على يد المستوطنين، وتشب الحرائق وتتواصل الاعتداءات على ممتلكاتهم، إلى جانب مشاهد الجنود الذين يصورون أنفسهم وهم يدمرون أحياء كاملة في غزة.

من جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية أوريل أبولوف أن الحرب "قست القلوب والنفوس" في إسرائيل، وحولت انعدام التعاطف إلى دليل على القوة، مؤكدا أن ما يحدث اليوم يتجاوز "التوحش" إلى نزع الإنسانية، سواء تجاه الفلسطينيين أو حتى داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه.

وأوضح الباحث أن الحروب والاستعمار دائما قذرة، تفسد المجتمعات التي تخوضها، ويعود ذلك جزئيا في إسرائيل إلى المعضلة التي خلقها نتنياهو، هل ننقذ "الرهائن" أم نستأصل حماس؟ دعم "الرهائن" والسعي لإنهاء الحرب يعتبر ضعفا، بينما ينظر إلى انعدام التعاطف على أنه دليل على القوة.



إقرأ المزيد