الجزيرة.نت - 10/27/2025 1:18:13 PM - GMT (+3 )
شهدت منصات التواصل الاجتماعي في الهند خلال الأيام الأخيرة موجة واسعة من الجدل والغضب، بعد تداول مقطع فيديو يظهر جدارا فاصلا بين الطلاب والطالبات داخل أحد الفصول الدراسية في ولاية كيرالا جنوبي البلاد.
ونسب ناشطون وحسابات على المنصات المقطع المثير للجدل إلى كيرالا، التي شهدت في السنوات الأخيرة تصاعدا في الخطاب الطائفي عبر الإنترنت، خاصة مع تنامي نفوذ التيارات الهندوسية القومية.
وحقق الفيديو ملايين المشاهدات والتفاعلات على منصات مختلفة، مصحوبا بتعليقات تصف المشهد بأنه دليل على "أسلمة التعليم" و"تحول كيرالا إلى ولاية تدار بالشريعة الإسلامية" و"خضوع المدارس والجامعات لطالبان الهند".
కేరళలో విద్యార్థినీ విద్యార్థులకు లింగ వివక్ష చూపుతూ, మతం ఆధారంగా విద్యార్థినీ, విద్యార్థులకు మధ్యలో ఒక గోడను ఏర్పాటు చేసి విద్య చెప్తున్న దృశ్యం.#ReligiousAppeasement pic.twitter.com/5qCK0sUx3t
— Duddakunta Venkateswara Reddy/వెంకటేశ్వర రెడ్డి (@DuddakuntaBJP) October 22, 2025
وسرعان ما انتشر المقطع على نطاق واسع باعتباره نموذجا لما سمي بـ"التعليم تحت هيمنة الإسلاميين"، في حين تبين لاحقا أن معظم هذه المنشورات تحمل طابعا هجوميا ومعاديا للمسلمين، دون الاستناد إلى معلومات دقيقة حول المقطع.
خطاب تحريضيوتفاعل مع المقطع آلاف المستخدمين بمزيج من السخرية والتحريض ضد المسلمين، إذ كتب أحدهم: "هذه كيرالا وليست العاصمة الأفغانية كابل: صفوف دراسية تفصل بين الأولاد والبنات بجدار كي لا يرى أحدهما الآخر"، مضيفا بسخرية: "أين الصحفيون الذين قاطعوا مؤتمرات طالبان فجأة؟ لماذا لاذوا بالصمت تجاه ما يحدث؟".
Kerala, not Kabul: Classrooms split by walls so girls can’t see boys.
Same journalists who boycotted Taliban pressers? Suddenly glued shut. pic.twitter.com/cDMRT5rmpJ
— JIGAR JOSHI (@jigarceo) October 22, 2025
إعلان
وتابع ناشط آخر بلهجة مشابهة: "هذا المشهد ليس من السعودية أو بنغلاديش أو باكستان، بل من ولاية كيرالا الهندية"، مضيفا "إنشاء جدار للفصل بين الطلاب والطالبات دليل على أن الولاية أصبحت رسميا تحت حكم الشريعة الإسلامية"، وفق تعبيره.
This scene of a classroom is not from Saudi Arabia , Bangladesh or Pakistan …
This is from a class in a Kerala college
A wall has been erected to keep boys and girls separate in class ,
Gods own country is officially run by Sharia now !! pic.twitter.com/ynsjufQ0xE
— Amitabh Chaudhary (@MithilaWaala) October 23, 2025
في حين اعتبر ناشط آخر "صورة من صور التمييز القائم على النوع الاجتماعي والدين"، وكتب أحد المدونين: "بدأ الأمر بالحجاب، وها هو يتحول إلى صفوف مقسمة، هذه هي كيرالا غير المتساوية التي يحلم المسلمون بها"، في ربط واضح للممارسات الدينية والثقافية للمسلمين بتهم التطرف في محاولة لتأجيج المشاعر الطائفية ضد المجتمع المسلم.
تضليل إعلاميഹിജാബിൽ തുടങ്ങി ക്ലാസ്സ് മുറികൾ ഇത്തരത്തിൽ പരിവർത്തനം ചെയ്യപ്പെടുന്ന അസമത്വ സുന്ദര കേരളമാണ് അവർ സ്വപ്നം കാണുന്നത് pic.twitter.com/Q1GkQ7mAJD
— Tom Mathews Moolamattom (@TMoolamattom) October 20, 2025
ودخلت قنوات هندية شهيرة معروفة بتحيزها ضد المسلمين على خط الجدل، بينها (Times Now) و(CNN‑News 18) اللتان أعادتا نشر الفيديو مصحوبا بعناوين مثيرة مثل: "فيديو من كيرالا يظهر فصلا تعليميا مقسما حسب الجنس.. هل هذا صمت إزاء طالبان الهند؟".
Burqa-clad girls separated from male students by partition wall: Video of gender segregated classroom from Kerala sparks outrage
Silence Over India's Taliban?@RShivshankar shares #TheHardFacts pic.twitter.com/WPJm6AVZ0l
— News18 (@CNNnews18) October 23, 2025
وساهمت وسائل الإعلام في إثارة الجدل وتأجيج المشاعر ضد مسلمي الهند، إذ لعبت دورا فعالا في تضخيم هذه الرواية وتغذية الانقسام عبر استخدام مصطلحات تحمل دلالات سياسية ودينية مرتبطة عادة بالخطاب المعادي للإسلام.
الحقيقةViral video shows girls separated from male students by a partition: Gender-segregated classroom in Kerala sparks outrage.@shubhangi_2719 takes us through this viral video.#ViralVideo #TrendingNow pic.twitter.com/ghi3LRay6o
— TIMES NOW (@TimesNow) October 24, 2025
هذا الزخم، دفع فريق "الجزيرة تحقق" إلى البحث عن أصل الفيديو ومصدر انتشاره، إذ تمكننا باستخدام عملية البحث العكسي من الوصول إلى النسخة الأصلية للفيديو منشورة على حساب في منصة "إنستغرام" بتاريخ 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
ونشر الفيديو حساب يحمل اسم "عامر سرس" المقطع نفسه في وقت سابق على فيسبوك، مصحوبا بعبارة: "وازن حياتك مع دين ودنيا هذه هي صيغة النجاح الحقيقي"، ليتبين من المعلومات التي شاركها أنه يعمل مديرا لأكاديمية تدعى (MOS ACADEMY) ولها قناة على يوتيوب بالاسم نفسه.
تحليل الحساباتوتتبع فريق "الجزيرة تحقق" المعلومات المتوفرة حول الأكاديمية، التي تبين أنها خاصة ولا تتبع أي جهة حكومية، مما ينفي صحة هذه الادعاءات بأنه من مدارس حكومية.
إعلان
ومن خلال مطابقة الاسم وأرقام الهواتف والبرنامج الدراسي المنشور على صفحات الأكاديمية يتبين أن موقعها الجغرافي يقع تحديدا في مدينة نانديد الواقعة جنوب شرقي ولاية مهاراشترا، ثالث أكبر ولاية هندية من حيث المساحة، مما ينفي أيضا أن يكون الفيديو قد التقط في ولاية كيرالا.
ومن خلال التحليل البصري للمقاطع المنشورة على حساب الأكاديمية والقائمين عليها في إنستغرام يتبين أن الفصل بين الجنسين ممارسة شائعة في فعالياتها المختلفة، خاصة أنها ليست حكومية ولا تعبر عن توجه الولاية ولا إدارة المنظومة التعليمية من قبل المسلمين، كما حاولت إظهارها بعض الحسابات.
تضليل متكرر
ولم تكن هذه المرة الأولى من نوعها للتضليل بشأن التعليم في ولاية كيرالا، إذ انتشرت صور مشابهة في سبتمبر/أيلول الماضي، وادعت حسابات عبر المنصات أنها توثق فعالية طلابية نظمتها جامعة كوتشين للعلوم والتكنولوجيا (CUSAT) في ولاية كيرالا، وشهدت ترتيبات "فصل بين الذكور والإناث" داخل القاعة الدراسية.
Taliban style seminar conducted by a Muslim organization, where girls were separated from boys by a curtain, in Cochin University (CUSAT) under the watch of CPM teachers union and SFI !! pic.twitter.com/7dQXduBNzc
— നചികേതസ് (@nach1keta) September 18, 2025
ونفت منظمة "طلاب الحكمة" (Wisdom Students) وهي هيئة طلابية إسلامية ناشطة في الولاية آنذاك، صحة المزاعم المتداولة، مؤكدة أن البرنامج لم يُنظم داخل حرم جامعة كوتشين، بل في قاعة تابعة للبلدية قريبة من الحرم.
واتهمت بعض الأطراف بمحاولة استغلال اسم الجامعة لإثارة الجدل، مؤكدة أن ما يجري "ليس مصادفة بل امتداد لحملة ممنهجة لإقصاء المسلمين وتصويرهم كمشكلة للمجتمع تحت ستار الإسلاموفوبيا".
كما دعت جامعة كوتشين، في بيان لها آنذاك، الطلبة ووسائل الإعلام والجمهور إلى التحقق من الأخبار من مصادرها الرسمية قبل نشر ما وصفته بـ"المعلومات المضللة"، مشددة على أنها تؤمن بمبادئ المساواة والشمول، ولا تدعم أو تروج لأي أنشطة تشجع على التمييز بأي شكل.
وتعد ولاية كيرالا نموذجا للتعايش بين الإسلام والمسيحية والهندوسية، غير أن السنوات الأخيرة شهدت تصاعدا في الخطاب الطائفي عبر الإنترنت.
إقرأ المزيد


