الجزيرة.نت - 11/24/2025 9:03:33 PM - GMT (+3 )
Published On 24/11/2025
|آخر تحديث: 20:44 (توقيت مكة)
شارِكْ
حذرت الكاتبة الصحفية مارغريت سيمونز من التغيير الذي يحدثه الذكاء الاصطناعي في العلاقة بين الصحفيين والجمهور، مشيرة إلى أنه التغيير الأحدث والأخطر في آخر 50 عاما من الاضطرابات الناجمة عن تشابك التكنولوجيا مع وسائل الإعلام.
وأكدت الكاتبة في صحيفة غارديان البريطانية أن انتشار الملخصات التي ينتجها الذكاء الاصطناعي واكتفاء المتابعين بها عن زيارة المواقع الإخبارية، يؤدي إلى خسارة وسائل الإعلام جمهورها ومواردها المالية.
ونبّهت إلى أن فقدان العلاقة المباشرة بين الصحافة والجمهور يهدد استقلالية الإعلام، ودوره الأساسي في خدمة المصلحة العامة.
ويُلاحظ في الآونة الأخيرة لدى استخدام محرك بحث مثل غوغل، قيام الموقع بتقديم ملخص دقيق للحقائق الرئيسية في مقدمة نتائج البحث، ورغم أن هناك روابط لمزيد من المعلومات، إلا أن معظم الناس يكتفون بالملخص، وفق الكاتبة.
ويُكتب الملخص بواسطة روبوتات الذكاء الاصطناعي التي تمشط الإنتاجات البشرية، بما في ذلك أعمال الصحفيين، لتكوين النقاط الرئيسية.
وتقول سيمونز إن تراجع الإحالات من غوغل إلى المواقع الإخبارية ما زال ضئيلا، ولكن الجميع يتوقع أن يزداد، محذرة من تقويض نماذج الأعمال الإعلامية، فانخفاض عدد المشاهدين لموقع أو تطبيق إعلامي يعني انخفاض عدد المشتركين والمعلنين المستعدين للدفع للوصول إلى جمهور متناقص.
دقة الملخصاتوبشأن دقة الملخصات التي ينتجها الروبوت الآلي، قالت إن معظمها دقيق بما فيه الكفاية، ورغم بعض الأخطاء الفادحة محرجة وخطيرة للغاية، ولكنها أيضا نادرة، لأن شركات الذكاء الاصطناعي "غوغل" و"أوبن إيه آي" وغيرها توقع اتفاقيات مع شركات إعلامية تسمح لها باستخدام المحتوى الذي يكتبه الصحفيون، بما في ذلك الأرشيف الذي تمتد لعقود، لتدريب وتغذية روبوتاتها.
ووقّعت معظم شركات الإعلام الكبرى نوعا من هذه الاتفاقيات، فقد تعرضت نماذج الأعمال الإعلامية لضغوط متكررة، وانهيار في بعض الأحيان، كما أن المال المعروض -وفق الكاتبة- مقابل ترخيص المحتوى لشركات الذكاء الاصطناعي يكاد لا يقاوم، متسائلة "عندما يفعل الجميع ذلك، من يجرؤ على التراجع؟".
خرق العلاقة بين الصحفيين والجمهورلكن ذلك من وجهة نظر سيمونز سيحجب الآلية الأساسية، وسيخرق العلاقة المباشرة بين الصحفيين وجمهورهم، عبر نقل السلطة من العلامات التجارية الإعلامية إلى العلامات التجارية للذكاء الاصطناعي ومالكيها.
إعلان
وخلصت إلى أن العلامات التجارية الإخبارية عالية الجودة تعتمد الآن أكثر من أي وقت مضى على علاقاتها مع الجماهير من أجل البقاء ماليا، ومع ذلك، في الصفقات مع شركات الذكاء الاصطناعي، قد يتنازلون عن الأمور التي تعتمد عليها تلك العلاقة.
ثم استدعت التساؤل "هل يهم إذا كان الصحفيون يبحثون ويكتبون محتوى لاستخدامه من قِبل شركات الذكاء الاصطناعي، بدلا من تقديمه كخدمة مباشرة للجمهور؟"، وأجابت "بالتأكيد يهم" ملخصة جملة من المخاطر المتوقعة من إقحام الذكاء الاصطناعي بين الصحفيين والجمهور:-
- أولا، إذا لم تخدم الصحافة مصالح الأشخاص الذين يتحكمون في الذكاء الاصطناعي، فقد لا يُنشر المحتوى، أو قد يُشوّه أو يُحجب، وحدث ذلك في بعض نتائج البحث التي يقدمها "غروك" التابع للملياردير الأميركي إيلون ماسك.
- ثانيا، سيفقد الجمهور إحدى الفوائد الرئيسية للوصول إلى صفحة الويب أو التطبيق أو القناة الخاصة بالمؤسسة الإخبارية، وهي الاطلاع على مواد أخرى مهمة كتبها صحفيون، وغالبا لم يفكر المتصفحون في البحث عنها أصلا؟.ومن ناحية أخرى، لا يستجيب النموذج الذي يهيمن عليه الذكاء الاصطناعي إلا للأسئلة المتعلقة بمواضيع محددة، أو ما يستنتجه عنك من عمليات البحث السابقة.
- ثالثا، إذا فقدت شركات الإعلام علاقتها المباشرة مع جمهورها، فستصبح أكثر عرضة للهجوم، وتساءلت سيمونز "ما مدى احتمال أن يعرف الجمهور أو يهتم، ناهيك عن التجمع للدفاع عن مؤسسة إعلامية أزعجت الحكومة، إذا كانت الأخبار التي نشرتها تُستهلك بشكل أساسي كجزء من مزيج يتشكل من مصادر متعددة؟".
وتابعت "هل سيبقى الإحساس بالواجب العام والغرض العام، الذي لا يزال يحفز أفضل غرف الأخبار والصحفيين، على قيد الحياة إذا انقطعت العلاقة المباشرة مع الجماهير أو ضعفت؟".
وخلصت إلى أن التظاهر بعدم حدوث التغيير المرتبط بالذكاء الاصطناعي أو إمكانية تجنبه، هو أمر بلا جدوى، مشددة على وجوب التحرك من أجل معالجة المخاطر.
وقالت إن المؤسسات الإعلامية بحاجة إلى الدخول في اللعبة وحماية علامتها التجارية، عبر تقديم محتوى عالي الجودة، وجعل محتواها وأرشيفها أسهل في البحث، وأوصت بأهمية توفير روبوتات أسئلة وأجوبة داخلية خاصة بها للمشتركين، لافتة إلى أن ذلك موجود بالفعل في العديد من المؤسسات الإعلامية، ولكن ربما ليس بالسرعة الكافية.
وأشارت سيمونز إلى أن الأسهل الاستعانة بمصادر خارجية لتوفير هذه الوظيفة إلى شركات التكنولوجيا الكبرى، لا سيما عندما تكون الميزانيات محدودة، لكنها نبّهت إلى أن ذلك سيزيد من هيمنة تلك الشركات وسيطرتها.
وسعيا إلى الحلول، اقترحت فكرة التعاون بين المؤسسات الصحفية لبناء محركات الذكاء الاصطناعي خاصة بها، مدربة على مواد جرى التحقق من صحتها، على أن تبقى في أيدي الجمهور.
إعلان
وقالت "ربما سيقدّر الناس المحتوى الأصلي والمعمق من مقابلات وملاحظات وشهادات تشكل جوهر الصحافة، ويدفعون مقابله".
وأكدت في ختام مقالها على أن العلاقة بين الصحفي والجمهور هي مفتاح الثقة والقوة والقدرة على لفت الانتباه إلى الاختلالات والقضايا غير المريحة والأخبار غير المرغوب فيها، مشددة على أنها بالغة الأهمية لوعي الجمهور والمصلحة العامة.
إقرأ المزيد


