الجزيرة.نت - 11/25/2025 8:39:22 PM - GMT (+3 )
Published On 25/11/2025
|آخر تحديث: 20:16 (توقيت مكة)
شارِكْ
كثيرا ما ترتبط العودة إلى ممارسة الرياضة بظهور آلام عضلية مزعجة، خاصة بعد فترات الانقطاع الطويل. وعند الإحساس بهذه الآلام، يتبادر إلى أذهاننا سؤال تقليدي: هل يجب أن نتوقف عن التدريب لبضعة أيام، أم نواصل رغم الألم؟ وهل ما نمر به مجرد إجهاد طبيعي أم إصابة تستدعي التوقف؟
غالبا ما نتداول مقولة: "لا تقدم بلا مشقة"، وهو ما يجعل كثيرين يشعرون بالإنجاز عندما تظهر آلام العضلات بعد التمارين. لكن الخبراء يشددون على ضرورة الإصغاء للجسم، والتمييز بين الألم الطبيعي الذي يشير إلى تكيف العضلات، وبين الألم الذي يُعد إنذارا يستدعي الاستشارة.
الآلام التي تظهر بعد التمرين تُعرف طبيا بألم العضلات متأخر الظهور (DOMS)، وتبدأ عادة بعد 12 إلى 24 ساعة من ممارسة النشاط البدني. ويعود هذا الألم إلى الطريقة التي يتعامل بها الجسم مع المجهود ويصلح بها نفسه، إذ تتسبب تمارين المقاومة في حدوث تلف دقيق في خلايا العضلات والأنسجة الضامة، إضافة إلى تمزقات صغيرة في الألياف العضلية نتيجة القيام بمجهود جديد أو أشد مما اعتادت عليه العضلة.
تحدث أضرار بنيوية في الألياف إذن، وحين يقوم الجسم بإصلاح هذا التلف تحدث الضخامة العضلية ويزيد حجم خلايا العضلات، وتصبح أقوى وأكثر قدرة على التحمل، ينتج الألم خلال هذه العملية، ويعني أن عضلاتك تتعلم شيئا جديدا.
لكن الأمر لا يكون هكذا دائما، فأحيانا تحدث إصابات تستدعي التوقف بالفعل وربما استشارة الطبيب.
بعد التمرين، من المفترض أن تشعر بألم خفيف أو انزعاج بسيط عند الحركة، وهو إحساس طبيعي ولا يدعو للقلق. لكن إذا وجدت نفسك غير قادر على القيام بمهام بسيطة، مثل الجلوس على المرحاض أو رفع الطعام إلى فمك، فهذا يعني أن الألم تجاوز الحد المتوقع. فآلام العضلات المتأخرة عادة لا تعيق الحركة ولا تؤدي إلى فقدان القوة، بل تكون مجرد إزعاج يمكن تحمّله.
إعلان
ويظهر ألم العضلات متأخر الظهور (DOMS) تحديدا عند بدء ممارسة الرياضة أو تنفيذ تمارين غير معتادة أو عالية الشدة، ويصيب غالبا مجموعة عضلية كبيرة. كما يبدأ بعد ساعات من التمرين ويتحسن مع مواصلة الحركة.
في المقابل، تكون الإصابة الحقيقية أكثر تركّزا وحدّة، وتظهر غالبا في نقطة محددة من العضلة أو المفصل. الألم هنا يكون حادا، يظهر أثناء التمرين أو مباشرة بعده، ويترافق أحيانا مع تورّم أو كدمات، ويزداد سوءا مع الحركة بدل أن يتحسن.
لذلك من المهم عدم تجاهل الإشارات التي يرسلها الجسم، فالألم المفاجئ أو الشديد قد يكون مؤشرا على:
- إصابة عضلية.
- التهاب أوتار.
- إصابة مفصلية.
وهناك علامات واضحة تستدعي التوقف فورًا عن التمرين، أبرزها:
- عدم القدرة على تحريك العضلة أو التحميل عليها.
- الشعور بالتنميل.
- ظهور تورّم أو احمرار.
- ألم مستمر أثناء التمرين.
- استمرار الألم لأكثر من 72 ساعة.
من الأخطاء الشائعة محاولة الوصول إلى أعلى أداء في كل جلسة تدريب، وهو ما يمنع الجسم من الحصول على الوقت الكافي للتعافي. الأفضل هو تنويع نوع التدريب وشدّته، ومنح العضلات فرصة لإعادة البناء. ويقدم الخبراء مجموعة من الإرشادات لتقليل فرص ظهور الألم الناتج عن التمارين:
قبل وأثناء التمرينتناول وجبة مناسبة قبل التمرين: يجب ألا تبدأ التمرين وأنت جائع. اختر وجبة غنية بالكربوهيدرات لتوفير الطاقة، والدهون الصحية، والبروتين الضروري لبناء العضلات.
الإحماء الجيد: يُهيّئ العضلات للعمل ويقلّل من خطر الإصابة. يمكن أن يكون الإحماء عبر المشي السريع أو الجري البطيء أو حركات خفيفة، وخاصة في الأجواء الباردة لرفع حرارة العضلات.
زيادة الشدة تدريجيا: تجنّب الضغط على نفسك لرفع أوزان أثقل أو أداء تمارين أقوى مما اعتدت عليه. التدريج يحمي العضلات من الإجهاد المفرط.
التخفيف التدريجي للتمرين (Cool Down): يساهم في تهدئة العضلات وإعادة الجسم إلى وضعه الطبيعي بعد الجهد.
جعل الإطالة جزءا أساسيا من التمرين: تمارين الإطالة (التمدد) بعد انتهاء التمرين تساعد على الحفاظ على طول العضلة ودعم مفاصل الجسم.
تخصيص أيام للراحة: الراحة ليست رفاهية بل ضرورة لتمكين الجسم من التعافي وإصلاح الأنسجة.
الاهتمام بالتغذية الجيدة: استمرار بناء العضلات يعتمد على البروتينات والفيتامينات والمعادن.
عند ظهور الألم: كيف تخففه؟إذا ظهرت آلام العضلات المتأخرة (DOMS)، يمكن اتباع الخطوات التالية لمساعدة الجسم على التعافي:
- شرب كميات كافية من الماء لتقليل الالتهاب وتحسين الدورة الدموية.
- الحصول على الراحة، أو ممارسة نشاط خفيف مثل المشي أو اليوغا.
- التدليك أو حمام دافئ لتهدئة العضلات المشدودة.
- استخدام كمادات باردة أو دافئة حسب الاستجابة الأفضل للجسم.
- تناول أطعمة غنية بالبروتين ومضادات الأكسدة لدعم إصلاح العضلات.
- التركيز على تدريب عضلات أخرى في الأيام التالية لتجنّب الضغط على العضلات المتألمة.
تمارين الإطالة الخفيفة مفيدة، لكنها لا تُغني عن الراحة. وإذا كان الألم كبيرا أو حادا، يُنصح بالتوقف فورا واستشارة متخصص قبل العودة إلى التمارين المكثفة. الهدف هو تحقيق تقدم مستدام، لا التضحية بصحة الجسم للوصول إلى نتائج أسرع.
إعلان
رغم أن القاعدة تقول "لا ألم، يعني أنه لا تقدم" فإن الألم في الحقيقة ليس شرطا للحفاظ على مستوى اللياقة وفق ميشيل بيرد الأستاذة المساعدة في كلية علم الحركة بجامعة ميشيغان، والشعور بالأوجاع العضلية لا يعني دائما التدريب الجيد، فأحيانا يكون التدريب فعالا دون الشعور بالألم، التدرج في التدريب ومنح الجسم الراحة الكافية يساعد في بناء عضلات قوية دون تعريض الجسم للألم أو الإصابة غير الضرورية.
تقول المدربة جيسي دياز هيريرا إن تركيزنا على الحميات والرياضة للحصول على أفضل أداء ينسينا أحيانا الهدف الأساسي، أن نعيش حياة أطول في صحة أفضل، لذا تدعونا إلى قياس نجاح التمارين أيضا من خلال شعورنا بالسعادة وتخفيف التوتر وحالتنا النفسية الجيدة بشكل عام وفق موقع صحيفة الغارديان.
إقرأ المزيد


