الجزيرة.نت - 11/25/2025 8:39:26 PM - GMT (+3 )
أحد أشهر تجار ومهربي ومنتجي المخدرات في لبنان، ومشتبه به رئيسي بتجارة الكبتاغون عبر الحدود اللبنانية-السورية، وارتبط اسمه فيها بمقربين من عائلة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد. وصدرت بحقه عشرات مذكرات التوقيف والأحكام الغيابية في لبنان وعدد من العقوبات الدولية، ولقب بألقاب عدة، منها "بابلو إسكوبار لبنان" و"بارون المخدرات" و"بارون الحشيشة".
المولد والنشأةولد نوح زعيتر عام 1977 في بلدة تعلبايا بقضاء زحلة. وينتمي إلى واحدة من أكبر العشائر في بعلبك-الهرمل.
ومع مرور السنوات تحوّل اسمه إلى مرجع لمجموعات مسلّحة، وارتبط اسمه بحيّ الشراونة، البقعة الأكثر توتّرا في بعلبك، ومسرح الاشتباكات المتكررة بين المطلوبين والقوى الأمنية.
الدراسة والتكوين العلميأمضى زعيتر جزءا من شبابه خارج لبنان وعاد إليه منتصف التسعينيات.
التحق لفترة وجيزة بالجامعة الأميركية في بيروت، ثم غادرها في سن مبكرة إلى سويسرا وعاش فيها نحو 3 سنوات لاجئا، ثم عاد عام 1995 واستقر مجددا في البقاع.
اقترن اسم زعيتر بزراعة القنّب الهندي وإنتاج "الحشيشة" في سهل البقاع، وهي تجارة تقليدية تطوّرت مع مرور الوقت وأصبحت تديرها شبكات منظمة تمتدّ عبر الحدود.
ومنذ التسعينيات من القرن العشرين أدار "بابلو إسكوبار لبنان" إمبراطورية لتصنيع المخدرات وتهريبها بين لبنان وسوريا، بينها حبوب الكبتاغون، التي ظلّ ينفي الاتجار بها، مع إقراره بتجارة "الحشيشة"، وقال إنها "فُرضت عليه".
وقال زعيتر "نزرع القنّب الهندي لأنه لا خيار آخر عندنا. إنه المنتج الوحيد الذي باستطاعتنا تصريفه"، مضيفا "لم تؤمّن الدولة زراعات بديلة مدعومة مثل البطاطا أو القطن أو التبغ، لذا فنحن نزرع القّنب"، الذي تستخرج منه مادة الحشيش المخدر.
ولسنوات عدة، تحصّن زعيتر في بلدة الكنيسة بحماية مسلحين من أبناء عشيرته التي تعد من بين الأكبر في المنطقة، ووفق بعض المصادر فقد أسّس مجموعة مسلّحة من أبناء عشيرته عُرفت في البقاع باسم "ألوية القلعة".
وكان لزعيتر حضور إعلامي لافت، وقد رُوّج له داخل بيئته باعتباره "روبن هود بعلبك"، نظرا لما يقدّمه من مساعدات مالية للمقرّبين منه أو المحتاجين، بينما تصفه الدولة اللبنانية ووسائل إعلامها بأنه "بارون مخدّرات" يوظّف العمل الخيري لستر اقتصاد مواز مدعوم بالسلاح.
إعلان
وفي عام 2022، شهدت المنطقة واحدة من أوسع عمليات الجيش اللبناني، انتهت بسقوط قتلى وجرحى في صفوفه، وسط اتهامات مباشرة لمطلوبين من آل زعيتر بالانخراط في مواجهة مسلّحة مع القوة المهاجمة.
وفي العام التالي تصاعد التوتر مجددا إثر اشتباكات متقطّعة أعقبتها سلسلة توقيفات طالت عددا من أفراد عائلة زعيتر، بينهم أحد أبنائه، في عمليات نوعية استهدفت تفكيك البنى التي تعتمد عليها تلك الشبكات في البقاع.
أما في 6 أغسطس/آب 2025، فقد دخلت المواجهة مرحلة أكثر حسما، حين نفّذ الجيش عملية كبيرة في حيّ الشراونة أسفرت عن مقتل 3 من أبرز تجار المخدرات، وفي مقدمتهم علي زعيتر المعروف بـ"أبو سلة"، في خطوة وُصفت بأنها نقطة تحوّل في تضييق الخناق على المجموعات المسلحة في المنطقة.
ومع اتّساع تجارة الكبتاغون في المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا، اتهمت تقارير محلية ودولية زعيتر بالاضطلاع بدور محوري في الربط بين الشبكات اللبنانية والسورية.
وفي بداية أكتوبر/تشرين الأول 2024، نقلت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا أن تجار المخدرات في منطقة البقاع اللبناني، بمن فيهم زعيتر، انتقلوا إلى دمشق واللاذقية بالتنسيق مع وسيم الأسد، ابن عم الرئيس السوري المخلوع، والفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد.
وأوضحت المصادر أن زعيتر، إلى جانب مجموعته، دخل إلى سوريا بطريقة غير شرعية عبر معابر حمص، التي تستخدم "خطوطا عسكرية" للتهريب ونقل البضائع، بحماية وإشراف من الفرقة الرابعة.
وتمركزت مجموعة زعيتر في قرية "الشير" بريف اللاذقية، ومن هناك انتقلت إلى مناطق أخرى في المدينة، حيث معامل إنتاج حبوب الكبتاغون.
جاءت تلك التحركات بعد القصف الإسرائيلي الذي طال مناطق عدة في لبنان، خاصة ضاحية بيروت الجنوبية ومنطقة البقاع، التي كانت تعتبر معقلا لزعيتر ومجموعته.
ووفق مجلة "ذا نيو لاينز" شكّل نفوذ زعيتر عبر الحدود السورية-اللبنانية أحد المفاتيح التي تشرح كيف استفاد حزب الله اللبناني من انهيار قبضة الدولة السورية قبل سقوط الأسد، فشبكات التهريب التي ازدهرت عبر حمص وتدمر لم تكن مجرد مسارات لتهريب المخدرات، إنما لتهريب السلاح أيضا.
وفي تلك البيئة عمل كبار تجّار المخدرات اللبنانيين، وعلى رأسهم زعيتر، بحرية شبه مطلقة في ظلّ النظام السوري السابق.
ووفق المجلة فإن الطريق الذي يمرّ بوادي حنّا كان محوريا لحزب الله، وإن زعيتر وأمثاله كانوا جزءا من البنية التي جعلت هذا الطريق مفتوحا ومحميا ومربحا في آن واحد.
ويظهر زعيتر في عدد من الصور والفيديوهات إلى جانب مجموعات تابعة لحزب الله وجماعات مسلحة مدعومة من إيران في مناطق سورية عدة منها القلمون والقصير وريف دمشق وحلب. كما تربطه علاقة وثيقة مع شخصيات نافذة من عائلة الأسد.
ونشر الناشط السوري عمر مدنية صورة يظهر فيها زعيتر مسلحا يتوسط شخصين بزي عسكري، وحسب مدنية فإن تاجر المخدرات اللبناني قاتل إلى جانب حزب الله في سوريا دعما لنظام الأسد، وكان ينشط في تجارة الكبتاغون بمناطق سيطرة الحزب.
إعلان
وفي عام 2023 نفى وسيم الأسد أي تورط مشترك بينه وبين نوح زعيتر في تصنيع أو تجارة الكبتاغون، مؤكّدا أن ما جمعه بتاجر المخدرات اللبناني المطلوب في لبنان وعدد من الدول لا يتعدّى "الصداقة".
وزعم وسيم الأسد في منشور على فيسبوك أن الاتهامات الموجهة إليه تستند إلى "افتراء"، مبرّرا ربط اسمه بتجارة الكبتاغون بصورة جمعته بزعيتر أثناء إحدى المعارك في منطقة القصير بريف حمص. وأضاف أن علاقته بزعيتر لم تتجاوز تلك المناسبة، بحسب تعبيره.
وعام 2023، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات مشتركة مع بريطانيا على زعيتر واثنين من أبناء عمومة بشار الأسد بتهمة تهريب الكبتاغون.
وفي 24 أبريل/نيسان من العام ذاته فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات مماثلة بالتهمة نفسها على الأشخاص الثلاثة.
وقالت وزارة المالية الفرنسية حينئذ إن زعيتر متورط في تجارة الكبتاغون في لبنان وسوريا، وعلى ارتباط بأفراد من عائلة الأسد.
وفي مارس/آذار 2024 أصدرت المحكمة العسكرية حكما غيابيا على نوح زعيتر بالإعدام لإدانته بتهمة إطلاق النار على عناصر في الجيش اللبناني بنيّة قتلهم في حي الشراونة في بعلبك، وهو حي غالبا ما يداهمه الجيش بحثا عن مطلوبين بتجارة المخدرات ويملك زعيتر منزلا فيه.
الاعتقالاعتقل زعيتر أثناء عملية أمنية شنّها الجيش اللبناني شرقي البلاد في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2025.
ولم يفصح الجيش اللبناني عن اسم زعيتر لكنه أشار إليه بالأحرف الأولى من اسمه، موضحا أنه اعتقل في كمين على طريق الكنيسة في بعلبك بمنطقة البقاع.
وقال في بيان إن "الموقوف هو أحد أخطر المطلوبين بموجب عدد كبير من مذكرات التوقيف، بجرائم تأليف عصابات تنشط ضمن عدد كبير من المناطق اللبنانية في الاتجار بالمخدرات والأسلحة وتصنيع المواد المخدرة، والسلب والسرقة بقوة السلاح. كما أقدم بتواريخ سابقة على إطلاق النار نحو عناصر ومراكز للجيش ومنازل لمواطنين، وعلى خطف أشخاص مقابل فدية مالية".
وذكر مصدر عسكري لوكالة أسوشيتد برس أن المطلوب سلم نفسه للاستخبارات العسكرية بعد مواجهة مع القوة التي نفذت العملية.
وقال وكيل زعيتر المحامي أشرف الموسوي، إن موكله قد صدر بحقه "أكثر من 150 حكما مؤبدا إضافة إلى نحو ألف مذكرة توقيف"، ونفى الاتهامات التي طالت موكله بتهريب الأسلحة وأكد أنه كان تاجر مخدرات فقط، وأضاف أن المعلومات التي ذكرت عن علاقته بحزب الله بحاجة إلى التدقيق.
ويأتي الاعتقال بعد نحو شهرين من إعلان السلطات اللبنانية تفكيك "أحد أضخم معامل" تصنيع الكبتاغون في بلدة اليمونة في بعلبك.
المصدر: الصحافة السورية + الصحافة اللبنانية + وكالات
إقرأ المزيد


