الجلوس المطوّل وباء العصر.. وأطعمة بسيطة قد تخفف مخاطره
الجزيرة.نت -

Published On 25/11/2025

|

آخر تحديث: 21:01 (توقيت مكة)

شارِكْ

يقول الكاتب الساخر لويس برادا على موقع "فايس": "الجلوس هو شرير العصر، العدو اللدود الذي ينبغي مقاومة سحره، ما لم نرغب في مواجهة مبكرة مع الموت".

فقد أصبح السلوك الخامل جزءا راسخا من نمط الحياة الحديثة، إذ يجلس الشباب اليوم ما يقارب 6 ساعات يوميا، بينما يقضي الأميركي العادي نحو 9.5 ساعات جالسا؛ على الرغم من أن الجلوس المطوّل يرتبط بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وفق بيانات جامعة برمنغهام.

اقرأ أيضا list of 2 itemsend of list

وعلى الرغم من عقود طويلة من نصائح الخبراء التي شددت على ضرورة الحركة وممارسة الرياضة والتمدد وحتى الوقوف لتقليل آثار الجلوس، إلا أن سلوك الأفراد لم يتغير كثيرا. غير أن دراسة حديثة أعدّها باحثون في جامعة برمنغهام، ونُشرت أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قدّمت بصيص أمل جديد.

فقد خلصت الدراسة إلى أن هناك طريقة يمكن أن تخفف من الآثار السلبية لنمط الحياة الخامل، وتقلل مخاطر الجلوس الطويل، وذلك عبر تناول الأطعمة والمشروبات الغنية بالفلافانول، وهي مركبات طبيعية موجودة في العديد من الفواكه والخضراوات والنباتات وتعرف بفوائدها للقلب والأوعية الدموية.

وتتضمن هذه الأطعمة: التفاح، التوت، العنب، البرقوق، الكرنب، والمكسرات، إضافة إلى الشاي الأسود والأخضر، والكاكاو غير المحلّى.

الجلوس الطويل يزيد خطر الإصابة بنسبة تصل إلى 150% (غيتي)
مخاطر الجلوس لفترات طويلة

تقول الدكتورة كالي إم ديفيز، اختصاصية الطب الرياضي في "مايو كلينك": إن الجلوس لأكثر من 6 إلى 8 ساعات يوميا، "حتى مع ممارسة الرياضة بانتظام"، قد يزيد من خطر:

  • الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة تصل إلى 150%.
  • ارتفاع ضغط الدم ومستويات الكوليسترول، وضعف الدورة الدموية.
  • مرض السكري من النوع الثاني.
  • الوفاة المبكرة.

كما تشير الدراسات -بحسب ديفيز- إلى أن "مخاطر الجلوس المزمن تعادل مخاطر التدخين أو السمنة، وأن ساعتين فقط من الجلوس المتواصل، يمكن أن تقلل تدفق الدم الغني بالأكسجين إلى الدماغ"؛ بالإضافة إلى التأثير السلبي على قوة العضلات ووضعية الجسم، وهذا يتسبب في "الشعور بالإرهاق وآلام أسفل الظهر".

نمط تغذية للتغلب على آثار الجلوس

أوضحت الدكتورة كاتارينا رينديرو، أستاذة علوم التغذية المساعدة بجامعة برمنغهام، وقائدة الدراسة، لمجلة "نيوزويك" الأميركية، أننا سواء كنا جالسين على مكاتبنا، أو في السيارة أو القطار، أو على الأريكة نقرأ كتابا أو نشاهد التلفاز، فإننا "نقضي وقتا طويلا جالسين، ونضع أجسامنا تحت الضغط ونعرضها للإجهاد، على الرغم من أننا لا نتحرك".

إعلان

وهذا يزيد من أهمية إيجاد طرق للتخفيف من مضار الجلوس على شرايين الجسم، والمساعدة في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، "من خلال استخدام التغذية أثناء الجلوس، كإستراتيجية للحد من هذه الآثار"؛ وأضافت أن هذا يمكن أن يساعدنا في الانتباه لما نأكله ونشربه، "خلال الفترات التي نضطر فيها للجلوس بدون انقطاع لفترة طويلة". وهو ما توصلت إليه الدراسة عبر المسار التالي:

  • قَسّم الباحثون 40 رجلا أصحاء، تتراوح أعمارهم بين 18 و45 عاما، إلى مجموعتين: مجموعة عالية اللياقة البدنية، ومجموعة منخفضة اللياقة البدنية.
  • تناول نصف منهم مشروب كاكاو غني بالفلافانول (يحتوي على 695 مليغراما من الفلافانول)، بينما تناول النصف الآخر مشروبا وهميا منخفض الفلافانول (يحتوي على 5.6 مليغرامات من الفلافانول فقط).
  • بعد ذلك، جلس جميع المشاركين خاملين لمدة ساعتين.
  • قام الباحثون بقياس وظيفة الأوعية الدموية في أذرعهم وأرجلهم، لتقييم مدى قدرة الشرايين على التمدد والانقباض للحفاظ على تدفق الدم.
  • وجد الباحثون أن ممارسي الرياضة "الذين شربوا الكاكاو منخفض الفلافانول"، شهدوا انخفاضا في وظيفة الأوعية الدموية وتدفق الدم وأكسجة العضلات. لكن أولئك "الذين شربوا الكاكاو الغني بالفلافانول"، كانت شرايينهم على ما يرام بعد ساعتين من الجلوس.
مخاطر الجلوس تعادل مخاطر التدخين والسمنة (غيتي)
اللياقة البدنية وحدها لا تكفي لمواجهة مخاطر الجلوس

في الوقت الذي تسلط فيه الدراسة الضوء على أن "الخيارات الغذائية اليومية البسيطة، يمكن أن تلعب دورا في حماية صحة القلب خلال فترات الخمول، مثل الاجتماعات الطويلة أو العمل المكتبي"؛ تقول الدكتورة رينديرو: إن هذه الأطعمة الغنية بالفلافانول، تفيد في مواجهة آثار الجلوس المُفرط، "من خلال محافظتها على صحة الأوعية الدموية في الذراعين والساقين أثناء الجلوس، لدى الرجال الأصحاء، بغض النظر عن مستوى لياقتهم البدنية"؛ وخصوصا عند تناولها قبل ساعتين من الجلوس.

وأكد الدكتور سام لوكاس، أستاذ علم وظائف الأعضاء الدماغية والتمارين والبيئة في جامعة برمنغهام، والباحث المشارك للدراسة، أن الباحثين توصلوا إلى:

  • أنه يُمكن للأفراد الاستفادة من تناول الفلافانول بغض النظر عن مستوى لياقتهم البدنية.
  • أن اللياقة البدنية وحدها لم تُنقذ الأوعية الدموية من مخاطر الجلوس على كرسي لمدة ساعتين، لكن تناول مئات الملليغرامات من مشروب الكاكاو فعل ذلك.

وأوضح لوكاس أن "الدراسة لم تشمل النساء، لأن التغيرات الهرمونية خلال الدورة الشهرية قد تشوش على تأثير الفلافانول على صحة الأوعية الدموية"، وهو ما يتطلب دراسة مستقبلية أخرى.

الكاكاو الغني بالفلافانول يحمي الشرايين أثناء الجلوس (شترستوك)
أهمية التوازن بين الجلوس والوقوف والمشي

تقول الدكتورة ديفيز، "إن القيام بتمرين واحد مكثف في الصباح، لا يُغني عن 10 ساعات من الجلوس، ولا بد من الوقوف والمشي والتمدد على مدار اليوم".

لذا تنصح بضبط الهاتف للتذكير بـ"النهوض والحركة في أرجاء المكان لمدة 5 دقائق على الأقل لكل ساعة"، أو استعمال جهاز المشي، أو التنزه أثناء التحدث في الهاتف، مؤكدة أن هذا "قد يعالج سلبيات الجلوس".

إعلان

وإن كانت الدكتورة أندريا زد لاكروا، أستاذة علم الأوبئة في جامعة كاليفورنيا، ترى أن "النهوض 3 مرات كل ساعة، أفضل من النهوض مرة واحدة فقط كل ساعة".

وتضيف الدكتورة ديفيز أن "الوقوف لمدة ساعتين على الأقل يوميا، يحرق سعرات حرارية أكثر من الجلوس"، لكنها تحذر من الوقوف لفترات طويلة بشكل مستمر، الذي يمكن أن يؤدي إلى "إجهاد العضلات، وضغط المفاصل، وآلام الظهر"، وتؤكد أن التوازن بين الجلوس والوقوف والمشي، هو "النهج الأكثر استدامة وصحة".



إقرأ المزيد