نقاش ساخن في "الاتجاه المعاكس" حول مصير حزب الله
الجزيرة.نت -

اشتعل جدل في حلقة “الاتجاه المعاكس” حول مستقبل حزب الله بين من يرى أنه يعيش أضعف مراحله، ومن يؤكد أن المقاومة لا تزال قادرة على الصمود رغم الضغوط الداخلية والخارجية.

وافتتح مقدم البرنامج فيصل القاسم حلقة البرنامج بتاريخ (2025/11/25) تساؤلاته بالإشارة إلى تضييق غير مسبوق على حزب الله من محيطه اللبناني والعربي والدولي، مستعرضا ما يصفه كثيرون بانحسار النفوذ وتراجع القدرة بعد خسارة الساحة السورية.

وطرح القاسم سؤالا محوريا حول ما إذا كان سلاح الحزب تحول إلى عبء ثقيل على لبنان بدل أن يكون ضمانة لردع إسرائيل، كما يصف أنصاره.

اقرأ أيضا list of 4 itemsend of list

في بداية النقاش، اعتبر الإعلامي اللبناني رامي نعيم أن الحزب يعيش مأزقا تاريخيا، مؤكدا أن الغالبية الساحقة من المكونات اللبنانية والعربية والدولية أصبحت تطالب بتجريده من السلاح.

ورأى أن الحزب فقد معظم حلفائه المحليين، وبات محاطا برفض واسع لا يستثني البيئة الشيعية المعترضة، حسب تعبيره.

وأشار نعيم إلى أن السلاح الذي كان يُعتبر وسيلة للدفاع تحول إلى مصدر انهيار سياسي واقتصادي وأمني، معتبرا أن الحزب لم يعد يملك القدرة على استخدامه في مواجهة إسرائيل، وأن ما تبقى منه يُستخدم داخل لبنان لترهيب الخصوم وفرض موازين قوة مختلّة.

في المقابل، رفض فادي بودية المدير العام لشبكة مرايا الدولية، هذه الاتهامات بشدة، وأكد أن سلاح حزب الله وُلد من صلب معركة الدفاع عن أرض لبنان بوجه الاحتلال، وأن جذور المقاومة سبقت وجود الحزب بسنوات طويلة، مستشهدا بالتجارب اللبنانية منذ خمسينيات القرن الماضي إلى اجتياح عام 1982.

سجال مضلل

وأوضح بودية أن السجال حول الإجماع اللبناني تاريخيا مضلل، معتبرا أن لبنان لم يعرف إجماعا على تعريف العدو أو على شكل المقاومة. ورأى أن الهجمات على الحزب تستند إلى خطاب يهدف إلى تشويه دوره في مواجهة إسرائيل وتجاهل دوره في تحرير الجنوب عام 2000 وصموده عام 2006.

وتصاعد النقاش عندما اتهم نعيم الحزب بأنه تحوّل -وفق تعبيره- إلى قوة تعمل لمصلحة إيران أكثر من لبنان، مشيرا إلى دوره في سوريا واليمن. واعتبر أن تورطه في نزاعات خارجية أضعف موقفه، وفتح الباب أمام عقوبات متزايدة طالت الاقتصاد اللبناني ومصالح الدولة.

ورد المدير العام لشبكة مرايا الدولية بأن تدخل الحزب في سوريا كان ضرورة أمنية لمنع تمدد الجماعات المتطرفة نحو لبنان، وأن المقاومة أعادت بناء هيكليتها العسكرية رغم الضربات، مؤكدا أن التقديرات الإسرائيلية نفسها تعترف بأن الحزب استعاد جزءا كبيرا من قدراته، وأن إسرائيل قلقة من تعاظم قوته.

وتدخل مقدم البرنامج بسؤال مباشر حول قدرة الحزب على مواجهة الضغوط بعد خسارته الجبهة السورية التي شكّلت شريانا حيويا له، لكن بودية شدد على أن الحزب مرن تاريخيا، وأنه اعتاد إعادة البناء حتى بعد اغتيالات مؤثرة، بدءا من عباس الموسوي وصولا إلى قادة بارزين آخرين لم يسقطوا المشروع.

ومن جهة أخرى، رأى نعيم أن الخطر على لبنان يأتي من سلاح الحزب لا من إسرائيل وحدها، مؤكدا أن اللبنانيين من مختلف الطوائف والقوى السياسية يطالبون اليوم بتطبيق شعار "جيش شعب دولة" بديلا عن معادلة "جيش شعب مقاومة" التي سادت لسنوات طويلة.

وقال إن الضغوط الأميركية باتت تمس البنية الداخلية للحزب، بما فيها مطالب تفتيش المنازل وإجراءات تستهدف مصادر تمويله، واعتبر أن حزب الله فقد القدرة على ردع إسرائيل بعدما ضربت الأخيرة أهدافا له دون رد منه، مما يعكس -حسب رأيه- فقدان السلاح جدواه.

ضمانة مانعة

وهاجم فادي بودية هذه الطروحات بقوله إن الولايات المتحدة تربط كل عروضها للبنان بنزع سلاح المقاومة، في حين تقدّم إيران مساعدات دون شروط، مضيفا أن الدعوات لنزع السلاح تتجاهل أن إسرائيل لا تزال تمثل تهديدا وجوديا، وأن أي اتفاقات أو ضمانات دولية لا تكفي لحماية لبنان.

وأشار إلى أن الحزب التزم بوقف إطلاق النار لعام كامل رغم الخروقات الإسرائيلية، لكنه لن يستمر في الالتزام إذا واصلت تل أبيب اعتداءاتها، واعتبر أن أي حديث عن تسليم السلاح للدولة يفترض أولًا ضمانة تمنع إسرائيل من اجتياح لبنان أو الاعتداء عليه.

وانتقل النقاش إلى ملف "القرض الحسن"، إذ طرح فيصل القاسم مسألة الإصرار الأميركي على إغلاقه، حيث اعتبر بودية أن الاستهداف سببه دوره في دعم الأسر ومساعدة شرائح واسعة في لبنان، وأن المؤسسة ليست بنكا تمويليا للحزب كما يُشاع، بل منصة تيسير مالي يستفيد منها مواطنون من مختلف الطوائف.

لكن رامي نعيم رأى أن المؤسسة تمثل قاعدة مالية موازية للدولة، وأن وجودها يعزز اقتصادا خارج النظام المصرفي الرسمي، معتبرا أن إغلاقها جزء من "تصحيح المسار" الذي يحتاجه لبنان كي يعود إلى رقابة الدولة وحدها.

وفي ختام هذا النقاش الساخن، تمسك كل من الضيفين بموقفه؛ إذ شدد نعيم على أن السلاح بات جرحا غائرا في جسد لبنان، ويجب أن يعود حصريا إلى الدولة، بينما أكد بودية أن المقاومة ضرورة في ظل الاحتلال الإسرائيلي، وأن نزع السلاح قبل ضمان حماية لبنان سيعني تركه مكشوفا أمام القوة العسكرية الإسرائيلية.

Published On 25/11/2025

|

آخر تحديث: 22:48 (توقيت مكة)

شارِكْ



إقرأ المزيد