استغلال المهاجرين الأفارقة في صراع المصالح الحوثية وتجنيدهم للقتال
إيلاف -

إيلاف من لندن:
شهد اليمن خلال شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2025 ارتفاعًا غير مسبوق في أعداد المهاجرين الأفارقة الوافدين إليه، حيث سجلت تقارير المنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 17,685 مهاجرًا، معظمهم من إثيوبيا والصومال، ما يمثل زيادة بنسبة 99% مقارنة بشهر أيلول (سبتمبر) الذي سبقه. هذه الطفرة أثارت قلق المنظمات الإنسانية، خاصة مع تزايد المخاطر التي يواجهها المهاجرون في طريقهم، واستغلالهم المتصاعد في النزاع اليمني الداخلي.

تفاصيل موجة الهجرة الأخيرة

وصل في تشرين الأول (أكتوبر) 2025 حوالي 17,685 مهاجرًا إلى اليمن، مقابل 8,878 في أيلول (سبتمبر)، أي ما يقارب الضعف. ويشكل الإثيوبيون النسبة الأكبر من هذا التدفق بنسبة 97%، بينما يمثل الصوماليون 3% من الوافدين. وتشير البيانات إلى أن الرجال يشكلون حوالي 66% من المهاجرين، مما يعكس طبيعة الهجرة الاقتصادية التي تبحث عن فرص عمل.

استقبلت مديرية أحور بمحافظة أبين النسبة الأكبر من المهاجرين بنسبة 57%، تلتها ذو باب بمحافظة تعز بنسبة 30%، بينما كانت رضوم في شبوة الوجهة الرئيسية للمهاجرين الصوماليين بنسبة 81%. عبر المهاجرون خليج عدن باستخدام قوارب يديرها مهربون، ما يعرضهم لمخاطر الاستغلال والابتزاز والعنف على طول الطريق.

استغلال الحوثيين للمهاجرين

رغم الفقر المدقع الذي تعانيه اليمن، تشير تقارير أمنية إلى أن جماعة الحوثي تستغل تدفق المهاجرين الأفارقة لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية. فقد أفادت مصادر بأن الحوثيين يمنحون الجنسية اليمنية للمهاجرين وأسرهم مقابل القتال في صفوفهم، ويوفرون لهم امتيازات لا يحصل عليها المواطنون اليمنيون أنفسهم.

تم رصد تخصيص الجماعة لمبالغ مالية ضخمة، حيث خصصت حوالي 1.1 مليون دولار لاستقطاب المزيد من المهاجرين. إضافة إلى ذلك، خصصت الجماعة 56 مليون دولار لدعم أسر قتلى وجرحى الميليشيا، في وقت يعاني فيه ملايين اليمنيين من انهيار الخدمات العامة وغياب الرواتب. كما قامت الجماعة بفصل عدد من الموظفين والقيادات العسكرية الذين اشتبهت في عدم ولائهم، خوفًا من تسرب معلومات حول عملية استقطاب الأفارقة.

التداعيات الإنسانية والأمنية

معظم المهاجرين يستخدمون اليمن كمحطة عبور نحو السعودية بحثًا عن فرص عمل وحياة أفضل، إلا أن الكثيرين منهم يعلقون في ظروف إنسانية صعبة، ويحتاجون إلى مساعدات غذائية وطبية عاجلة. استقطاب الحوثيين للمهاجرين الأفارقة وتحويلهم إلى وقود للصراع يزيد من تعقيد الأزمة اليمنية ويعمق معاناة السكان المحليين.

في ظل شح الموارد، يوجه الحوثيون معظم الأموال لدعم أنشطتهم العسكرية والدعائية، بينما تبقى الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والكهرباء والمياه في حالة انهيار شبه كامل. وتتهم مصادر سياسية في العاصمة الحوثيين بتحويل الموارد العامة لتمويل الحرب وتعميق ما يسمى بـ "ثقافة الموت"، بدلًا من الاستثمار في البنية التحتية والخدمات الحيوية.

تسلط موجة الهجرة الأفريقية الأخيرة إلى اليمن الضوء على أزمة إنسانية متفاقمة، حيث يتقاطع استغلال البشر مع صراعات النفوذ والمصالح، في ظل غياب حلول سياسية أو إنسانية تلوح في الأفق. ويظل المهاجرون ضحايا بين مطرقة الفقر وسندان الاستغلال، بينما تتفاقم معاناة اليمنيين تحت وطأة الحرب وسوء توزيع الموارد الذي يخدم أجندات عسكرية بعيدة عن احتياجات السكان الحقيقية.



إقرأ المزيد