البرهان يكتب لوول ستريت جورنال عن حرب السودان
الجزيرة.نت -

Published On 26/11/2025

|

آخر تحديث: 10:19 (توقيت مكة)

شارِكْ

قدّم رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان في مقال نشرته صحيفة وول ستريت جورنال رواية شاملة عن جذور الصراع ومساراته وتداعياته الإقليمية والدولية.

وجاءت رواية البرهان في سياق مساعيه لوضع إطار سياسي وأخلاقي يُعرّف الصراع بوصفه "تمردا وحشيا ضد الدولة" تخوضه قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الشهير بـ"حميدتي" ضد السودان وشعبه، وليس مجرد حرب على السلطة بين قيادتين عسكريتين كما تُصوّره بعض الأطراف.

اقرأ أيضا list of 2 itemsend of list

واستهل مقاله مشيرا إلى أن السودان بلد ذو ذاكرة طويلة؛ يمتد تاريخه إلى مملكة كوش التوراتية، التي يصفها بأنها إحدى أعظم الحضارات التي شهدتها أفريقيا، مضيفا أن الحرب التي تشنها الآن "مليشيا" الدعم السريع "لا تُشبه أي صراع واجهناه من قبل".

وأوضح أن الحرب تمزق نسيج المجتمع السوداني وتُشرّد ملايين المدنيين وتضع المنطقة الممتدة من البحر الأحمر إلى الساحل الأفريقي بأسرها في مهبّ الخطر.

السودان يقف حاليا على مفترق طرق بين الانهيار أو التعافي، وأن "السلام لا يُبنى على "الأوهام، بل على الحقيقة"، وأن "الحقيقة في هذه اللحظة هي أقوى حليف للسودان".

وقال إن الفظائع المنسوبة لقوات الدعم السريع بلغت ذروتها في مدينة الفاشر، حيث قدّر مختبر البحوث الإنسانية بجامعة ييل الأميركية أن عدد القتلى وصل إلى نحو 10 آلاف شخص قبل انقطاع الاتصال بمصادره.

وأضاف أنه أدرك منذ فترة طويلة أن قوات الدعم السريع كانت "برميل بارود قابلا للانفجار، وكانت تُعرف باسم الجنجويد أوائل الألفية بوصفها مليشيا مساندة في دارفور، ثم تطورت في عام 2019 إلى تشكيل شبه عسكري "منفلت ومسلح تسليحا ثقيلا"، ويتمتع بقدر متزايد من الاستقلالية ويعمل خارج منظومة القيادة الرسمية، مستندة إلى شبكات تمويل خاصة وسجل من الانتهاكات.

واعتبر أن استمرار هذا الوضع كان يشكل تهديدا لبنية الدولة، ولذلك شرعت الحكومة السودانية مع نهاية 2022 في عملية دمج "مسؤولة" للدعم السريع داخل الجيش، بهدف تجنب الحرب وتوحيد السلاح تحت قيادة واحدة.

إعلان

وقال تلك الجهود قُوبلت بـ"غدر" في 15 أبريل/نيسان 2023، عندما قامت قوات الدعم السريع -بحسب روايته- بحشد جنودها سرا في محيط العاصمة الخرطوم، والسيطرة على مواقع إستراتيجية، وشن هجمات على منشآت الدولة والجيش.

ويُعدّ البرهان هذا التحول اللحظة التي انزلقت فيها البلاد إلى الحرب، محملا قوات الدعم السريع المسؤولية الكاملة عن اندلاعها وما تلاها من فظائع، بما في ذلك مجازر الفاشر الأخيرة.

وفي تقدير رئيس مجلس السيادة الانتقالي أن قوات الدعم السريع لم تكن لتخوض هذه الحرب دون "مساندة سخية" من قوى إقليمية يصفها بأنها تراهن على "المليشيا" لتحقيق مصالحها الخاصة، رغم إدراكها أن الولايات المتحدة سبق أن اتهمت قادتها بجرائم إبادة وتطهير عرقي.

السودان بات ساحة مفتوحة لتدخلات خارجية من شأنها زعزعة المنطقة بالكامل: البحر الأحمر شرقا، والساحل الأفريقي غربا، إضافة إلى تهديد مصالح الولايات المتحدة.

وحذّر من أن السودان بات ساحة مفتوحة لتدخلات خارجية من شأنها زعزعة المنطقة بالكامل: البحر الأحمر شرقا، والساحل الأفريقي غربا، إضافة إلى تهديد مصالح الولايات المتحدة.

واستشهد بحوادث طالت المصالح الأميركية، منها هجوم على موكب دبلوماسي ومقتل حارس بالسفارة أثناء احتجازه لدى الدعم السريع.

وأعرب عن ارتياحه لتطورات سياسية أميركية جديدة، خصوصا تصريحات وزير الخارجية ماركو روبيو في قمة مجموعة السبع، التي اعتبرها أول اعتراف دولي صريح بطبيعة الصراع ومسؤولية الدعم السريع فيه، إضافة إلى تصريحات الرئيس دونالد ترامب بعد لقائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، التي رأى فيها دعما لجهود إنهاء الحرب.

نازحون من الفاشر يكشفون للجزيرة نت تفاصيل مروعة (الجزيرة)

وجدّد البرهان التزامه بالانخراط مع واشنطن والرياض في أي مسار سلام "عادل ومتوازن". لكنه رسم خطا أحمر واضحا بأن لا سلام دائما في السودان دون تفكيك قوات الدعم السريع ومرتزقتها، مع إمكانية دمج عناصر محدودة منها في الجيش الوطني شريطة ألا تكون متورطة في جرائم.

البرهان قال إن السودان لا يطلب من العالم الانحياز لشخصه أو لحكومته بل الوقوف بين خيارين: إما دولة تسعى لحماية مواطنيها، أو مليشيا يصفها بأنها "إبادة جماعية"

وأكد أن السودان لا يطلب من العالم الانحياز لشخصه أو لحكومته، بل الوقوف بين خيارين: إما دولة تسعى لحماية مواطنيها، أو ميلشيا يصفها بأنها "إبادة جماعية".

ويرى أن انتهاء الحرب يجب أن يفتح الباب أمام شراكة أوسع مع الولايات المتحدة، سواء في مكافحة الإرهاب أو إعادة الإعمار، وهو ما يتطلب رؤية سياسية تقوم على الديمقراطية وسيادة القانون وحماية الحقوق.

وجدد رئيس مجلس السيادة الانتقالي التزام الجيش بالانتقال إلى الحكم المدني، مؤكدا أن الحرب أوقفت العملية لكنها لم تُلغها.

واختتم مقاله بالتأكيد على أن السودان يقف حاليا على مفترق طرق بين الانهيار أو التعافي، وأن "السلام لا يُبنى على "الأوهام، بل على الحقيقة"، وأن "الحقيقة في هذه اللحظة هي أقوى حليف للسودان".



إقرأ المزيد