الجزيرة.نت - 11/26/2025 4:11:27 PM - GMT (+3 )
مراسلو الجزيرة نت
Published On 26/11/2025
|آخر تحديث: 16:02 (توقيت مكة)
شارِكْ
أثار وزير العمل والشؤون الاجتماعية العراقي أحمد الأسدي جدلا واسعا بعد إعلانه اختفاء مبلغ 2.5 تريليون دينار عراقي من صندوق الرعاية الاجتماعية بين وزارة المالية ومصرف الرافدين الحكومي، وهو مبلغ يعادل نحو مليار ونصف المليار دولار أميركي ويخصص لصرف الرواتب الشهرية للفئات الهشة من مستفيدي الرعاية الاجتماعية.
وبعد ساعات فقط من حديثه المتلفز، عادت الوزارة لتوضيح موقفها ونفي ما فُهم من التصريح، مؤكدة أن الوزير تفاجأ من عدم توفر المبلغ لحظة الاستفسار عنه، دون أن يعني ذلك اختفاءه فعليا.
وفي بيان لاحق يوم الأحد الماضي، أوضحت الوزارة أن حديث الوزير (على قناة الأولى العراقية) جاء ضمن رؤية مستقبلية تعمل عليها الوزارة لجعل الإعانات ممولة لاحقا من عوائد الاستثمارات التي سينفذها الصندوق.
وبيّنت الوزارة أن ما حدث يتعلق بحالة السيولة في المصارف، وما يرافقها أحيانا من عدم جاهزية المبالغ للسحب الفوري رغم ثبوتها رقميا. كما أكدت أن مصرف الرافدين أوضح ذلك رسميا في كتابه الموجّه للوزارة عقب التصريح، مشيرة إلى أن المبلغ محفوظ ومثبت في الحسابات.
ويبلغ عدد المستفيدين من الرعاية الاجتماعية في العراق نحو 7 ملايين فرد، موزعين على أكثر من مليونين و124 ألف أسرة من الفئات الأشد هشاشة، بمرتبات شهرية تتراوح بين 100 و200 دولار.
تجميد الحسابمن جانبها، أكدت وزارة المالية العراقية أن المبلغ لم يُسحب، وأن ما جرى هو تجميد الحساب فقط، وأوضحت أن الحساب الجاري الخاص بشبكة الحماية الاجتماعية تأسس عام 2015، ويُموّل مركزيا لصرف الرواتب وفق قانون الحماية الاجتماعية.
وأضافت أن وزارة العمل لم تتابع رصيد الحساب بالمستوى المطلوب من خلال المطابقة مع المصرف، رغم وجود مبالغ تُودع فيه خلافا لطبيعته، ومنها مبالغ مسترجعة من البطاقات الذكية لمستفيدي الحماية الاجتماعية للأعوام الممتدة بين 2015 و2025.
الصندوق ركيزة أساسيةوبشأن موارد الوزارة وطبيعة الاستثمار، يوضح مستشار وزير العمل والشؤون الاجتماعية كاظم العطواني للجزيرة نت، أن صندوق الحماية الاجتماعية يُعد ركيزة أساسية في عمل الوزارة، ويستمد قوته من 8 مصادر تمويل ينظمها القانون لضمان ديمومته واستقراره.
إعلان
ويشير العطواني إلى أن الوزارة تعتمد خطة استثمارية تمتد لـ10 سنوات تستهدف تعزيز موارد الصندوق وتمكينه من تمويل إعانات الحماية الاجتماعية من عائداته المستقبلية، وبما يخفف العبء عن الموازنة العامة التي تتحمل التمويل كاملا في الوقت الراهن.
ويضيف أن الوزارة حققت خلال عمر الحكومة الحالية تقدما لافتا في تعزيز رصيد الصندوق، برفعه إلى تريليونين و500 مليار دينار (نحو مليار ونصف دولار)، في خطوة تُعد تطورا نوعيا في تنمية الإيرادات وتحسين إدارة الموارد، وبما يعزز دعم الفئات الأكثر هشاشة.
فوضى اقتصاديةوبشأن الإرباك الذي أثارته الروايات المتضاربة، يؤكد أستاذ الاقتصاد في جامعة المعقل بمحافظة البصرة الدكتور نبيل المرسومي، وجود تضارب واضح بين تصريحات وزارة المالية ومصرف الرافدين من جهة، ووزارة العمل من جهة أخرى، معتبرا ذلك مؤشرا على فوضى اقتصادية وسوءا في إدارة المال العام.
ويقول المرسومي للجزيرة نت إن وزارة العمل تحدثت عن اختفاء المبلغ، في حين أكدت وزارة المالية أن الحساب مجمد فقط، وهو ما يُظهر -وفق رأيه- إرباكا في التنسيق بين المؤسسات الرسمية.
أما مصرف الرافدين الحكومي، فيوضح أن دوره يقتصر على مسك الحسابات وتنفيذ أوامر الصرف الرسمية الصادرة من وزارة المالية، دون تدخل في قراراتها.
ويؤكد أنه لم يتلقَّ أي طلب من وزارة العمل أو إدارة الصندوق بشأن سحب المبالغ أو استثمارها، ولم يصله أي إشعار بوجود دعاوى قضائية بخصوصها، مشددا على أنه يحتفظ بحقه القانوني تجاه أي معلومات غير دقيقة قد تسيء إلى سمعته أو تشكك في سلامة إجراءاته.
إرباك بين المؤسساتوينتقد الناشط في مجال مكافحة الفساد سعيد ياسين موسى، حالة الإرباك بين مؤسسات السلطة التنفيذية، مشيرا إلى غياب رؤية واضحة في الإدارة المالية، وعدم الالتزام بالمعايير الخاصة بإدارة الصناديق الحكومية عبر مجلس إدارة مشترك يمثل الجهات ذات العلاقة وتصدر عنه أوامر الصرف.
ويقول موسى للجزيرة نت إن تصريح وزير العمل يشير إلى وجود تصرفات مالية غير مُبلّغ عنها في الحساب المصرفي، مما يثير شبهة تتطلب تدقيقا من ديوان الرقابة المالية للحسابات ذات العلاقة وإعلان نتائج التدقيق للرأي العام.
ويعاني العراق منذ أشهر من أزمة سيولة مالية نتيجة انخفاض أسعار النفط عالميا وتزايد الديون الداخلية والخارجية، وسط انتقادات من نواب وخبراء للسياسة المالية التي تتبناها حكومة محمد شياع السوداني.
إقرأ المزيد


