الجزيرة.نت - 12/4/2025 1:13:17 PM - GMT (+3 )
تعد "بالانتير" إحدى أكثر الشركات التقنية الأميركية إثارة للجدل في العالم، وذلك لأنها استطاعت تسخير قوة البيانات والذكاء الاصطناعي بشكل واضح لخدمة أهدافها العسكرية، محولة التقنية التي وجدت لتيسير حياة المستخدمين إلى أداة قتل ممنهجة ومنظمة.
ولذلك، اقترن اسم "بالانتير" لدى الكثير من الأفراد حول العالم بتقنيات المراقبة البائسة والمفرطة التي تجمع عنك كل المعلومات وتعيد استخدامها ضدك بشكل كبير.
ورغم هذه الشهرة الواسعة، فإن العديد من المستخدمين لا يعرفون ماهية "بالانتير" والقطاع الذي تعمل فيه، وكيف تمكنت تحديدا من تسخير التقنية لتصبح سلاحا عسكريا.
ويطرح سوء التفاهم المحيط بـ"بالانتير" ومجالات عملها العديد من التساؤلات، فما هي هذه الشركة ومن يقف وراءها؟ وكيف تعمل في قطاعات تقنية عديدة وليست البيانات فقط؟
من يقف وراء "بالانتير"؟عام 2003 عقب بيع "باي بال" جلس بيتر ثيل أحد مؤسسيها باحثا عن فكرة جديدة لتأسيس شركة تعمل في قطاعات مختلفة عن "باي بال".
وبينما انطلق بقية أفراد عصابة "باي بال" لتأسيس منصات تواصل اجتماعي مثل "لينكد إن" أو حتى شركات سيارات وشركات صواريخ فضائية مثل "تسلا" و"سبيس إكس" فقد اختار ثيل أن يتجه لمكان مختلف تماما، وتحديدا تقنيات البيانات العميقة التي كانت الصيحة الأحدث آنذاك.
وحينها قرر تأسيس "بالانتير" بالتعاون مع مجموعة من كبار المستثمرين مثل أليكس كارب الذي يشغل منصب المدير التنفيذي للشركة منذ عام 2005، وستيفن كوهين، وجو لونسديل، وناثان جيتينجز الذي ساهم في تأسيس وبناء النماذج الأولية لشركة "باي بال".
ويعد ثيل من كبار الداعمين للحكومة الأميركية ومن المقربين منها بشكل واضح، إذ استفادت شركته من عدة عقود خاصة منحتها له الحكومة، ومن بينها عقد لتطوير منصة تتبع لتحركات المهاجرين وبناء قاعدة بيانات رئيسية لتسريع عمليات الترحيل.
إعلان
وكعادة أفراد عصابة "باي بال" قرب ثيل بين أصدقائه القدامى في وادي السيليكون وبين (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب، مانحا إياهم وصولا مباشر للبيت الأبيض.
كما تمتد علاقات "بالانتير" إلى العديد من القضايا الشائكة والمثيرة للجدل حتى بالأوساط الأميركية، وربما كان أبرزها اتهام إدوارد سنودن عام 2017 لـ"بالانتير" بالتعاون مع منصة "إكس كيه إي يو سكور" (XKEYSCORE) لتحليل البيانات التي تجمعها "سي آي إيه" (CIA) بشكل غير قانوني، وذلك وفق تقرير "أكسيوس" آنذاك.
ويشير تقرير منفصل نشرته "نيويورك تايمز" إلى استثمار جيفيري إبستين أكثر من 40 مليون دولار في إحدى شركات ثيل الاستثمارية التي استثمرت لاحقا في "بالانتير".
ومنذ اللحظات الأولى لتأسيسها، انتهجت "بالانتير" نهجا مختلفا عن بقية الشركات التي تدعي عملها في قطاعات البيانات المختلفة، إذ وضعت نفسها في مقام التي تعمل فقط مع الشركات الأخرى الكبرى والمؤسسات الحكومية لتحليل البيانات.
ماذا تعمل "بالانتير"؟تقول ليندا شيا ليندا شيا، التي عملت مهندسة لدى "بالانتير" من عام 2022 إلى عام 2024 في حديثها مع موقع "وايرد" إنه "حتى كشخص عمل هناك، من الصعب معرفة كيفية تقديم تفسير متماسك لما تقوم به الشركة؟".
وذلك في إشارة واضحة لتشعب وتعقد مجالات عمل "بالانتير" واختلافها المباشر عن بقية الشركات التي تعمل في قطاعات البيانات.
$PLTR Palantir has bought an ad for the Sunday New York Times showing their support for Israel pic.twitter.com/EWbe2BMWYz
— amit (@amitisinvesting) October 15, 2023
ويتضمن تقرير "وايرد" عن الشركة شهادات عدد من موظفي "بالانتير" السابقين، وهم جميعا يعرفون فيما تعمل ولا يستطيعون شرحه بشكل واضح أو حتى تقديم منافس واحد مباشر لها.
ويمكن تبسيط ما تقوم به "بالانتير" بوصفه برمجية خارجية يمكن تثبيتها في الأنظمة المختلفة، ووسط خطوط العمل المختلفة دون تغير أي شيء في آلية جمع البيانات أو العمل داخل الشركة.
وتقوم البرمجية الإضافية الخاصة بـ"بالانتير" بجمع وتحليل وفهرسة البيانات التي تجمعها الأنظمة الأخرى للشركة، مهما كان مستواها أو تعقيدها أو حتى الوقت الذي تم تطويرها فيه.
ويشبه بعض موظفي "بالانتير" بأنها المترجم الذي تمنحه كل المعلومات التي تملكها، ويقوم بفهمها وإعادة ترجمتها ونقلها لك بشكل واضح وسلس وبسيط للغاية.
لماذا تختلف "بالانتير" ويسعى الجميع للعمل معها؟نظريا، توجد آلاف الشركات التي تقدم ما تقوم به "بالانتير" ولكنها استطاعت التفرد ببعض المزايا التي لا يمكن لأي شخص آخر منافستها فيها.
وتعد الصورة الاجتماعية والهالة المحيطة بـ"بالانتير" أهم هذه الجوانب التي تميزها عن بقية المنافسين، وذلك لأنها صنعت لنفسها هالة من الغموض وحالة عمل أقرب للعسكرية، وهو ما يوحي لعملائها بأنها مخصصة في المنتجات العسكرية أو دمج التقنيات العسكرية مع أنظمتها.
وتستمد "بالانتير" هالتها العسكرية من عدة جوانب تتضمن مسميات الوظائف داخلها وحتى المصطلحات التي يتم استخدامها مع العملاء وبين الموظفين وآلية تعاملهم معا، وهي جميعا مستوحاة من الجيش الأميركي.
كما تمتاز برمجيات "بالانتير" بقدرتها على العمل مع أي نظام مهما كان عتيقا أو حديثا دون الحاجة إلى تغيره أو تطويره بشكل كامل، وهو ما يوفر مئات الملايين من الدولارات على الشركات الضخمة والحكومات.
إعلان
وتملك الشركة بشكل عام برمجيتين أساسيتين، الأولى وهي "فاوندري" المخصصة للشركات المدنية وتجمع بيانات هذه الشركات وتحللها بشكل مناسب، كما تحتفظ به في الأرشيف الخاص بها.
والثانية وهي برمجية "غوثام" المخصصة لهيئات القانون والحكومات، وتقوم بجمع البيانات من مختلف المصادر الموجودة بالفعل تحت تصرف الهيئات الحكومية المختلفة، ثم تربطها ببعض وتجمعها في واجهة واحدة تسهل مراقبتها وتتبعها.
ومؤخرا، بدأت "بالانتير" تطور أنظمة الذكاء الاصطناعي المتنوعة والمختلفة سواء كان لدمجها مع أنظمة الشركة الموجودة بشكل مسبق أو حتى للاستخدامات العسكرية.
موقف شائن من غزةتباهى ثيل بدعمه غير المستتر لإسرائيل، إذ قال في أكثر من مقابلة إن ولاءه التام لحكومة بنيامين نتنياهو لأن ما يقوم به "جيش الدفاع" صحيح بشكل عام.
وفي مايو/أيار 2024، تباهى ثيل باستخدام نموذج "لافندر" للذكاء الاصطناعي الذي طورته شركته للاستهداف وإطلاق الصواريخ في غزة.
كما تتباهى "بالانتير" بكونها شريكا إستراتيجيا لوزارة الدفاع الإسرائيلية، وزودتها أكثر من مرة بتقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات المرتبطة بحملاتها الشائنة.
ولا يقتصر دعم إسرائيل من "بالانتير" على مؤسسها ثيل فقط، بل يمتد إلى مديرها التنفيذي ومؤسسها المشارك آليكس كارب الذي أكد أكثر من مرة دعمه غير المنقطع للجيش الإسرائيلي.
إقرأ المزيد


