الجزيرة.نت - 12/4/2025 2:55:04 PM - GMT (+3 )
Published On 4/12/2025
|آخر تحديث: 14:45 (توقيت مكة)
شارِكْ
تمشي العاصمة الأوكرانية كييف على إيقاع جنائزها، تُشيّع أبناءها وكأن الرحيل صار جزءا من روتينها اليومي، في حين يقف الأوكرانيون كل صباح دقيقة حداد على من سقطوا في حرب أنهكت البلاد منذ أكثر من 3 سنوات.
وبعد أكثر من 3 أعوام على الحرب مع روسيا، يتصاعد الجدل بين الأوكرانيين حول جدوى أي سلام محتمل مع روسيا، إذ يرى كثيرون أن السلام الذي يُبحث عنه اليوم بات يمثل حاجة ملحة لوقف النزيف المستمر.
أما عائلات أسرى الحرب، فتؤكد أن أي سلام لا وزن له ما لم تُستعاد حرية أبنائهم المحتجزين.
وبدون معاناة أو جهد كبير في البحث، استطاع مراسل الجزيرة في كييف تامر الصمادي رصد مشاهد الفقد والانتظار التي تطبع حياة الأوكرانيين، الذين تتجسد معاناتهم في قصص أمهات وزوجات ينتظرن عودة أبنائهن وأزواجهن من جبهات القتال أو من الأسر.
ففي مدينة بوتشا التي شهدت مجازر روسية مروعة في بداية الحرب، تبحث السيدة نينا عن أي خبر عن ابنها الجندي المنقطعة أخباره منذ 4 أشهر.
ولا تنفك نيتا عن تقلّيب ألبوم صور ابنها، وهي تريد سلاما لا يشترط سوى عودته حيا، إذ ترى أن الحرب لم تعد مجدية، كما أن العائلة أُنهكت ولم تعد قادرة على تحمل مزيد من المعاناة وألم الفراق، وتقول للجزيرة "فقدُنا كبير، نحن منهكون جدا، أريد ولدي، أريد أن نتجاوز هذه الحرب التي لم تعد مجدية".
أما الكنائس في أوكرانيا، فقد أصبحت ملاذا لكثيرين ممن يصلون طلبا لعودة السلام للأحياء والرحمة لمن فقدوهم خلال 3 سنوات من حرب نشرت كثيرا من مشاهد الموت والدمار، وها هي كنيسة بوتشا تحتضن صلوات أهالي المدينة، حيث تتجاور الشموع كأرواح تبحث عن خلاص مؤجل، وتُطل نينا مرة أخرى متعلقة بخيط رجاء وأمل، في انتظار معجزة تُعيد إليها ابنها.
ربط السلام بالعدالةأما المقابر في أوكرانيا، فهي الشاهد الأبرز على الجزء الأكثر إيلاما وسوداوية في تأثيرات الحرب، وتتعاظم المآسي في مقبرة بوتشا المزدحمة بقبور من رحلوا.
إعلان
ويقف فلاديمير ومارينا عند قبر ابنهما العشريني الذي ابتلعته الجبهة باكرا، في حين تصر الأم المكلومة مارينا على ربط السلام بالعدالة: "هناك بعض الآمال في أنهم قد يتوصلون إلى اتفاق سلام لكي لا يستمر أطفالنا ورجالنا في الموت، لكننا نريد العدالة، إننا لا نثق في العدو، إنه يكذب دائما".
ومن جهة أخرى، تطالب زوجات الأسرى بإعادة أزواجهن كشرط لأي تسوية، وتجسد حارسة كييف "باري هينيا" أسطورة الأوكرانيين القديمة، رمزا للحرية التي تنشدها هذه العائلات.
وتُردد إحدى الزوجات: "نحن نبحث عنهم ونطالب بهم، نريد أن يعودوا، أعيدوا جميع رجالنا".
أما في مكاتب صناع القرار في كييف، فإن المطلوب هو سلام عادل قوي، وليس هشا، ويصر قادة أوكرانيا على استعادة السيادة الكاملة على الأراضي الأوكرانية، مع ضمانات دولية تحول دون تجدد الحرب مستقبلا.
وتظل الأسئلة حول شكل التسوية النهائية وحدودها بلا إجابات واضحة، بينما تتقاطع في أوكرانيا روايات الفقد والأمل والانتظار، بين من يريد سلاما يوقف النزيف فورا، ومن يخشى أن يضيع دم الشهداء بلا معنى إن جاء السلام دون عدالة أو محاسبة.
ومنذ 24 فبراير/شباط 2022، تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا، وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام لكيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف تدخلا في شؤونها.
إقرأ المزيد


