معارك حقول النفط تكشف تزايد النفوذ الأميركي في العراق
الجزيرة.نت -

Published On 4/12/2025

|

آخر تحديث: 15:08 (توقيت مكة)

شارِكْ

انطلقت طائرات إيرانية مُسيرة عبر أجواء إقليم كردستان العراق في شمال البلاد في منتصف يوليو/تموز الماضي، وكان الهدف محددا: حقول النفط التي يتولى الأميركيون تشغيلها.

إحدى هذه المسيرات أطلقتها جماعة مسلحة مدعومة من إيران داخل العراق وأصابت حقل سرسنك الذي تديره شركة "إتش كيه إن إنرجي" وهي شركة يملكها نجل الملياردير روس بيرو في ولاية تكساس الأميركية، في حين أصابت أخرى حقلا مجاورا تديره شركة "هانت أويل" ومقرها تكساس أيضا.

ووفق تقرير لوكالة رويترز، فقد رجح مراقبون أن الاستهداف جاء ردا على الضربات التي شنتها الولايات المتحدة على المواقع النووية الإيرانية قبل أسابيع من تاريخ هذا الهجوم.

غضب أميركي

أدت الهجمات التي استمرت 4 أيام، إلى تعطيل العمليات في شركة محلية عراقية وأخرى نرويجية، وتوقف نحو نصف إنتاج النفط في منطقة كردستان.

كما أثارت الهجمات غضب واشنطن التي لطالما شعرت أن العراق لا يبذل جهدا كافيا للتعامل مع أمر المليشيات الموالية لإيران، ودفعت واشنطن إلى تكثيف الضغوط على بغداد، وفق مصادر مطلعة.

الضغوط الأميركية دفعت العراق لإعادة تشغيل خط أنابيب رئيسي لتصدير النفط من كردستان، فيما يمثل تطورا كبيرا يعكس ميل كفة ميزان النفوذ داخل العراق نحو واشنطن وابتعاده عن طهران.

وقال مصدر في إدارة الرئيس دونالد ترامب بشأن الرد الأميركي على هجمات المسيّرات تلك "أعتقد أنه يمكن القول بثقة إن وزير الخارجية ماركو روبيو نقل بعض الرسائل الصارمة إلى بغداد لتوضيح أن لحظة الاختيار أصبحت قريبة".

تهديد بعقوبات

كانت واشنطن تضغط من أجل إعادة تشغيل خط الأنابيب إلى ميناء جيهان التركي منذ إغلاقه في عام 2023 وسط نزاع بين بغداد وحكومة إقليم كردستان بشأن مبيعات النفط التي تتخطى الحكومة الاتحادية.

ويرجع ذلك إلى رغبة واشنطن في مساعدة شركات النفط الأميركية في كردستان، ومحاولتها خفض أسعار النفط العالمية، كما أن إغلاق خط الأنابيب حوّل النفط الخام إلى الجنوب، وهو ما يعني تغذية شبكات التهريب التي توفر أموالا طائلة لإيران ووكلائها.

إعلان

إلا أن هجمات المسيرات دفعت ترامب إلى الانتقال بحملة واشنطن إلى مستوى جديد.

ووفق مصدر مشارك في حملة الضغط، فإن الشهرين التاليين للهجمات شهدا تهديدا وجهه ممثلون عن إدارة ترامب لكبار المسؤولين في قطاع الطاقة في العراق بفرض عقوبات إذا لم تتم إعادة تشغيل خط الأنابيب.

وأكد مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة مارست ضغوطا دبلوماسية "مكثفة للغاية" لإعادة تشغيل خط الأنابيب.

لكن البيت الأبيض رفض التعليق على موضوع التهديد بفرض عقوبات على العراق، كما أحجمت الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان عن التعليق على الأمر.

اتفاق وعائدات ضخمة

في 17 يوليو/تموز الماضي، وهو اليوم الأخير من هجمات الطائرات المسيرة، وبعد شهرين من الضغوط الأميركية المكثفة، جرى الإعلان عن اتفاق مبدئي لإعادة تشغيل خط الأنابيب، وبدأ النفط يتدفق في تلك الأنابيب في 27 سبتمبر/أيلول الماضي.

تسلط هذه الأحداث الضوء على طموحات الولايات المتحدة في مجال الطاقة بالشرق الأوسط. فالعراق ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) التي دأب ترامب على انتقادها لمحاولتها إبقاء أسعار النفط مرتفعة.

كما تعكس أيضا الروابط الوثيقة بين المصالح الدبلوماسية والتجارية الأميركية في عهد ترامب.

وقال مصدر في الإدارة الأميركية "بالنظر لما استثمرناه في هذا البلد، من حيث الثروة الوطنية وأرواح الأميركيين التي خسرناها في معركة هزيمة الإرهاب إلى جانب شركائنا العراقيين، نتوقع أن يكون هناك عائد كبير لهذا الاستثمار".

ويظهر موقف العراق تحولا في ميزان النفوذ في البلاد بعد أن ظلت بغداد تسير لفترة طويلة على حبل دبلوماسي مشدود بين حليفيها الرئيسيين والعدوين اللدودين في الوقت نفسه: طهران وواشنطن.

وتدعم إيران، التي تخضع لعقوبات أميركية وغربية بسبب طموحاتها النووية، نحو 10 فصائل شيعية مسلحة تنشط في العراق لديها نحو 50 ألف مقاتل وترسانات أسلحة وتتمتع بنفوذ سياسي واسع.

إلا أن مراقبين يرون أن قوتها وهيبتها ضعفت بشدة بعد الهجمات الإسرائيلية ضد وكلائها في المنطقة وضد إيران نفسها.

ورغم كل ما سبق، فإنه من غير الواضح ما إذا كان هذا التحول في ميزان القوة في العراق سيستمر، كما لا يعرف إلى أي مدى ستظل الترتيبات الخاصة بخط الأنابيب صامدة، خاصة أن اتفاقية استئناف ضخ النفط عبر خط الأنابيب مؤقتة، وستتم مراجعتها من قبل بغداد وحكومة إقليم كردستان في نهاية ديسمبر/كانون الأول الجاري.



إقرأ المزيد