وداعا للحواسيب العملاقة.. أداة برمجية تضع "محاكاة الكون" في حقيبتك
الجزيرة.نت -

Published On 4/12/2025

|

آخر تحديث: 15:29 (توقيت مكة)

شارِكْ

في العقد الأخير صار علم الكونيات ضحية نجاحه، حيث أنتجت المسوح الفلكية العملاقة مثل "ديزي" ومهمة إقليدس جبالا من البيانات عن توزّع المجرات وبنية الكون واسعة النطاق.

لكن تحويل هذه البيانات إلى قيود دقيقة على نماذج المادة والطاقة يتطلب عادة محاكاة وحسابات تلتهم أياما من وقت الحواسيب الفائقة، تلك التي توجد عادة في الجامعات والمختبرات المتخصصة.

يمكن للأداة الجديدة العمل على حاسوب محمول (شترستوك)
محاكاة في حاسوب محمول

هنا يأتي خبر لافت من جامعة واترلو، حيث تمكن فريق بحثي من  تطوير أداة برمجية اسمها "إيفورت-جيه إل" تسمح بمحاكاة وتحليل بنية الكون على حاسوب محمول وبزمن أقرب إلى ساعات بدلا من أيام.

الفكرة ليست تبسيط الفيزياء حتى يسهل على  الأداة العمل في نطاق حواسيب صغيرة، بل بناء اختصار حسابي ذكي، فالأداة تعمل بوصفها محاكيا لنوع من النماذج النظرية يُعرف بـ"نظرية الحقل الفعال للبنية واسعة النطاق".

هذه النظرية تحاول وصف كيف تتكتل المادة (ومنها المادة المظلمة) لتصنع الشبكة الكونية، لكن تطبيقها مباشرة على البيانات يتطلب حسابات معقدة تتكرر كلما غيّر الباحث قيمة معامل واحد.

وبحسب مطوري "إيفورت-جيه إل"، فإنهم جمعوا بين طرائق عددية متقدمة و"تهيئة" ذكية للبيانات لتسريع الحساب مع الحفاظ على الدقة التي يحتاجها علم الكونيات.

ما الذي يفعله "المُحاكي" عمليا؟ يشبه الأمر تدريب نموذج سريع على تقليد مخرجات محاكاة ثقيلة، فبدلا من أن تُعيد تشغيل المحاكاة المكلفة مع كل تجربة، تستخدم المُحاكي ليعطيك الناتج بسرعة كبيرة ضمن مجال مُتحكَّم فيه.

جانب من المحاكاة التي أجراها العلماء باستخدام الأداة الجديدة (جامعة ووترلو)
سيناريوهات جديدة

الدراسة، التي نشرها الباحثون في دورية "جورنال أوف كوسمولوجي آند أستروبارتكل فيزكس"، تذكر أن هذه الأدوات تفتح الباب لتجريب سيناريوهات كونية كثيرة في زمن قصير، وتسمح أيضا بتطبيق تقنيات إحصائية أحدث.

إعلان

يشدد الفريق على أنهم تحققوا من أداء "إيفورت-جيه إل" بمقارنة تنبؤاته بتنبؤات "إيفتوفليس" الأصلية، وأن هامش الخطأ كان صغيرًا.

كما يشيرون، بحسب بيان صحفي رسمي صادر من الجامعة، إلى أن الأداة تستطيع التعامل مع شوائب الرصد مثل بعض التشوهات في البيانات، وأنها قابلة للتخصيص بسهولة وفق حاجة كل مشروع.

ومع ذلك، يظل جوهر القصة أن الأداة لا تستبدل فهم الفيزيائيين، فهي تُسرّع الحساب، لكن اختيار الفرضيات، وضبط المعاملات، وتفسير النتائج تبقى مسؤولية الباحث.

الأكثر إثارة هنا هو التحول الثقافي المحتمل، فحين تصبح نماذج كانت حكرا على الحواسيب المعقدة متاحة على حاسوب محمول، لا يتغير زمن الحساب فقط، بل يتغير أسلوب البحث نفسه، حيث يسمح ذلك بالتجريب السريع، وتكرار التحليل مرات كثيرة، ومراجعة الفرضيات لحظيا مع ظهور تفاصيل جديدة في البيانات.

لذلك لا يقدَّم "إيفورت-جيه إل" كحيلة تقنية فحسب، بل كأداة قد تعيد توزيع القدرة على الاستكشاف الكوني، وتتيح للباحثين أن يلاحقوا سرعة تدفق البيانات بدل أن يبتلعهم بطؤ الحساب.



إقرأ المزيد