زعماء تحالف الساحل أمام اختبار بمواجهة الجماعات المسلحة
الجزيرة.نت -

Published On 21/12/2025

|

آخر تحديث: 21:40 (توقيت مكة)

شارِكْ

قمة تحالف دول الساحل في باماكو التي تعقد يومي 22 و23 ديسمبر/كانون الأول 2025 في العاصمة المالية باماكو، لن تكون مجرد اجتماع عابر، بل تأتي في سياق إقليمي معقد يتسم بتصاعد نفوذ الجماعات المسلحة وتراجع حضور القوى الدولية التقليدية.

مالي والنيجر وبوركينا فاسو، التي شهدت جميعها انقلابات عسكرية في السنوات الأخيرة، تحاول عبر هذا التحالف أن تقدم نفسها كقوة إقليمية قادرة على مواجهة التحديات الأمنية بعيدا عن الوصاية الخارجية.

التحضيرات بدأت منذ أواخر نوفمبر/تشرين الثاني عبر اجتماعات وزارية، وصولا إلى انعقاد القمة الرسمية في الأسبوع الأخير من ديسمبر/كانون الأول.

هذا التوقيت بالغ الأهمية، إذ جاء بعد سلسلة هجمات للجماعات المسلحة المرتبطة بالقاعدة، مما جعل القمة بمثابة محاولة عاجلة لوضع خطة مشتركة لمواجهة التهديدات التي باتت تقترب من العواصم نفسها.

سائقو دراجات نارية يصطفون للحصول على الوقود بمحطة وقود في باماكو بتاريخ 10 ديسمبر/كانون الأول 2025 (الفرنسية)

منذ انسحاب القوات الفرنسية من مالي عام 2022، ثم تقليص الوجود الأميركي في المنطقة، وجدت هذه الدول نفسها في مواجهة مباشرة مع الجماعات المرتبطة بالقاعدة وتنظيم الدولة.

هذه القمة تمثل الدورة الثانية لـ"كلية رؤساء دول تحالف الساحل"، حيث يلتقي قادة مالي والنيجر وبوركينا فاسو لمناقشة التحديات الأمنية المتصاعدة في المنطقة.

هذه الجماعات استغلت الفراغ الأمني لتوسيع نطاق عملياتها، حيث باتت تسيطر على مساحات واسعة من الريف وتفرض حصارا على بعض المدن، مما أدى إلى شلل اقتصادي وتفاقم أزمة إنسانية.

القمة في باماكو ستركز على تعزيز التنسيق العسكري بين الدول الثلاث، لكن التحدي الأكبر يكمن في ضعف الموارد المالية والعسكرية.

عناصر الأمن المالي يعتقلون رجلا بعد هجوم على معسكر للجيش في 17 سبتمبر/أيلول 2024 (أسوشيتد برس)

الجيوش الوطنية تعاني من نقص في المعدات الحديثة، فيما يعتمد التحالف على الدعم المحدود من شركاء جدد مثل روسيا، التي بدأت في تقديم مساعدات أمنية عبر شركات عسكرية خاصة.

إعلان

هذا التحول يعكس رغبة الأنظمة العسكرية في تنويع مصادر الدعم، لكنه يثير أيضا مخاوف من تعقيد المشهد الجيوسياسي في المنطقة.

من الناحية السياسية، القادة العسكريون يواجهون ضغوطا داخلية متزايدة. فالمجتمعات المحلية التي تعاني من الهجمات والتهجير تطالب بحلول عاجلة، بينما المعارضة المدنية ترى أن استمرار الحكم العسكري يفاقم الأزمة ولا يقدم حلولا مستدامة.

في المقابل، الأنظمة تعتبر أن نجاحها في صد الجماعات المسلحة سيمنحها شرعية أكبر ويعزز موقفها أمام المجتمع الدولي.

خريطة مالي (الجزيرة)

الأخطار التي تواجه التحالف لا تقتصر على الجانب الأمني فقط، بل تشمل أيضا التحديات الاقتصادية والاجتماعية. فالجماعات المسلحة تستغل الفقر والبطالة لتجنيد الشباب، وتفرض أنظمة بديلة في المناطق التي تسيطر عليها، مما يضعف سلطة الدولة ويخلق فراغا سياسيا خطيرا.

في المحصلة، قمة باماكو تمثل محاولة لإعادة رسم موازين القوى في الساحل، لكنها تكشف أيضا حجم المأزق الذي تواجهه المنطقة.

فبين ضعف الموارد، وتراجع الدعم الدولي، وتصاعد نفوذ الجماعات المسلحة، يقف تحالف دول الساحل أمام اختبار وجودي: إما أن ينجح في بناء جبهة موحدة قادرة على حماية أراضيه، أو أن يواجه خطر الانهيار أمام خصم يزداد تنظيما وقوة يوما بعد يوم.



إقرأ المزيد