الجزيرة.نت - 12/23/2025 2:06:25 PM - GMT (+3 )
مراسلو الجزيرة نت
Published On 23/12/2025
|آخر تحديث: 13:39 (توقيت مكة)
شارِكْ
طهران- على وقع تحذيرات إسرائيلية من تصاعد القدرات الصاروخية الإيرانية وتقارير عن نية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة– مناقشة خيارات عسكرية ضد طهران خلال لقائه المرتقب بالرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع المقبل؛ شهدت الأجواء الإيرانية مناورات صاروخية واسعة أثارت أسئلة عن أهدافها ورسائلها.
ونقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية، أمس الاثنين، عن شهود عيان ومصادر أن مناورات صاروخية تجري في عدد من المناطق. كما ذكرت وكالة فارس للأنباء المقربة من الحرس الثوري أن هذه التجارب جرت في مدن خرم آباد (غرب) ومهاباد (شمال غرب) وأصفهان (وسط) والعاصمة طهران (شمال) ومشهد (شمال شرق).
يأتي ذلك بعد أيام من تداول منصات التواصل الإيرانية مقاطع فيديو عن نقل منصات إطلاق صواريخ باتجاه المحافظات الغربية، الأمر الذي دفع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، أن يبلغ قائد القيادة العسكرية الأميركية الوسطى (سنتكوم) الأدميرال براد كوبر، بمخاوفه من أن التحركات الإيرانية قد تُستخدم "تمويها لشن هجوم مفاجئ".
مواجهة قريبةفي غضون ذلك، قال نتنياهو إن بلاده على علم بأن طهران تجري تدريبات في الآونة الأخيرة دون الإدلاء بالمزيد من المعلومات عنها، مشددا في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس القبرصى نيكوس خريستودوليديس ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، مساء أمس الاثنين، على أن أي هجوم من إيران سيُقابل برد "شديد من إسرائيل".
وفيما تتحدث تقارير غربية وعبرية عن وضع ملف صواريخ طهران على طاولة النقاش المرتقب بين نتنياهو وترامب، يستبق المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي اللقاء ويقول إن الصواريخ التي تصممها بلاده "هدفها الدفاع عن النفس وردع أي هجوم"، مؤكدا أن هذا البرنامج "ليس محل تفاوض".
إعلان
وعلى وتر التأكيد المستمر للقيادات الإيرانية السياسية والعسكرية حول "الجاهزية القصوى" للرد على أي تهديد، يقرأ مراقبون إيرانيون التقارير عن تنفيذ طهران مناورات صاروخية في سياق التقديرات التي لا تستبعد "تعرض البلاد لهجوم جديد"، وأن التزام السرية يبدو أمرا طبيعيا في إطار الاستعدادات المتواصلة لمواجهة التهديدات القائمة.
في السياق، أوضح أستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة طهران كيومرث يزدان بناه أن منطقة الشرق الأوسط تعيش تحت وطأة توتر يجعل من المواجهة العسكرية المباشرة بين إيران وإسرائيل "الخيار الأكثر احتمالا"، في وقت يُنظر فيه إلى جهود الوساطة والحوار على أنها "الأقل فعالية" للتعامل مع التصعيد الراهن.
رسائل عسكريةوفي حديثه للجزيرة نت، يرى يزدان بناه أن عمق العداوة الإستراتيجية بين طهران وتل أبيب وصل إلى مستوى قد لا تهدأ معه الأجواء إلا بمواجهة جديدة، مؤكدا أنه عندما تصبح ساحة الصراع مفتوحة على جميع الاحتمالات فإن الأطراف المتخاصمة تحرص على إخفاء جزء من أوراقها الإستراتيجية لمباغتة العدو.
ويخلص إلى أنه في ظل إغلاق جميع الأبواب أمام البدائل السلمية أو السياسية، تبرز المواجهة العسكرية المباشرة بين الطرفين كأكثر السيناريوهات ترجيحا، مما يبرر لطهران التنسيق المسبق والتدريب المتقن على شتى تسليحاتها الإستراتيجية، معتبرا الديناميكية الحالية نذيرا بفترة انتظار صعبة قد تقود إلى مفترق طرق حاسم في مستقبل العلاقة بين محور المقاومة من جهة والاصطفاف الغربي العبري من جهة أخرى.
من ناحيته، يرى الباحث العسكري محمد مهدي يزدي أن إجراء تجارب صاروخية في مناطق متباعدة جغرافيا يهدف إلى إيصال عدة رسائل مفادها أن منظومة إيران الصاروخية قائمة ومستمرة وقادرة على العمل من مواقع متنوعة وبمديات مختلفة، موضحا أن الأسماء التي وردت في مقاطع الفيديو التي نشرها شهود عيان سبق واستهدف الاحتلال بوابات مدن صاروخية فيها خلال حربه الأخيرة.
وأوضح للجزيرة نت أن طبيعة الإطلاق من مواقع داخلية متنوعة تشير إلى إستراتيجية جديدة بهدف تعقيد حسابات أي هجوم محتمل ضد المنشآت العسكرية، وإيصال رسالة، خاصة لإسرائيل، بأنه بإمكان طهران الرد هذه المرة من "مناطق قد لا يتوقعها العدو ولا تصل إليها دفاعاته"، مما يعزز عنصر المفاجأة ويثير قلقا لدى الطرف المقابل الذي يعتبر الصواريخ الإيرانية مصدر تهديد رئيسيا.
ويلمس يزدي في الأسلوب الإعلامي تجاه هذه التجارب والذي اعتمد على مقاطع فيديو منشورة عبر قنوات شبه رسمية دون إعلان رسمي مسبق أو احتفاء علني، نمطا جديدا بدأت إيران تتبعه منذ حرب يونيو/حزيران الماضي"، كي تزيد السرية المتعمدة من الغموض المحيط بالقدرات الفعلية وتوقيت الاستخدام، مما يعمق عنصر الردع النفسي.
رسائل سياسيةوبينما يعتبر مسؤولون إسرائيليون وأميركيون أن التوسع في البرنامج الصاروخي الإيراني يمثل تهديدا مباشرا لأمن تل أبيب واستقرار المنطقة، يقول الباحث السياسي مهدي شكيبائي إن المناورات الصاروخية الإيرانية تأتي كرد عملي على هذه التصريحات وإنها تمثل رسالة عملية إلى واشنطن وإسرائيل مفادها أن أي محاولة لجعل الصواريخ جزءا من أي تفاوض مستقبلي مرفوضة سلفا.
إعلان
وفي تصريحه للجزيرة نت، يرى شكيبائي أن هذه المناورات رد مسبق على المباحثات المقررة الأسبوع المقبل بين نتنياهو وترامب والتي من المتوقع أن تكون الصواريخ الإيرانية والحديث عن الخيارات المتاحة لشن هجوم جديد على طهران، القضية المركزية على طاولتها، مؤكدا أن هذه التمرينات تبعث رسالة عملية بأن "أي تحرك عدائي سيواجه بقدرة ردع جاهزة".
وأضاف أنه من خلال إجراء التجارب في عمق الأراضي الإيرانية وبنمط سري، تؤكد طهران أنها تملك زمام المبادرة في تطوير ترسانتها الدفاعية وفقا لمعادلاتها الأمنية الخاصة دون انتظار ردود الفعل الدولية أو الخضوع للضغوط، وذلك في سياق مساعيها العملية لرسم صورة حقيقية عن "القوة الذاتية التي لا تتزعزع".
وتستخدم طهران تجاربها العسكرية -حسب شكيبائي- كلغة تواصل واضحة تخلط بين عرض القوة والردع عبر التنوع والانتشار، وبين المرونة التكتيكية عبر اعتماد السرية، مضيفا أن هذه اللغة تهدف إلى رفع الردع الذاتي وإقناع الخصوم، وخصوصا واشنطن وتل أبيب، بأن كلفة أي مواجهة عسكرية ستكون باهظة وأن البرنامج الصاروخي خط أحمر غير قابل للمساومة.
إقرأ المزيد


