خلال ديسمبر.. فلسطين تشهد أعلى معدلات أمطار منذ 13 عاما
الجزيرة.نت -

الخليل – شهدت فلسطين مع دخول موسم الشتاء هطول أمطار عالية، لم تتحقق منذ سنوات طويلة، بل إن بعض المناطق اقتربت من المعدل السنوي رغم أن الفصل في بدايته.

وحقق شهر ديسمبر/كانون الأول وحده نسبة هطول مرتفعة نتيجة 5 منخفضات، بعضها تخللته أمطار غزيرة، خاصة جنوبي الضفة، وتجاوزت نسبة الأمطار المعدل العام للشهر ذاته، وأحيانا مجموع الأمطار في الشتاء الماضي.

ووفق مختصين، فإن كثافة الهطول، وإن تسببت في سيول وفيضانات وخسائر مادية، تبعث الأمل على موسم جيد للأشجار والمحاصيل البعلية التي تعتمد على مياه الأمطار، والتي افتقدها جنوب الضفة في السنوات الأخيرة.

كميات مضاعفة

في عام 2018 افتتحت وزارة الزراعة الفلسطينية سدين لتجميع مياه الأمطار جنوبي الضفة الغربية، أحدهما في بلدة بني نعيم شرق مدينة الخليل، والثاني في قرية بيت الرّوش، جنوب المدينة.

ووفق مدير مديرية الزراعة جنوب الخليل منذر أبو اعقيفان، فإن كميات الأمطار المجمعة في السدين خلال ديسمبر/كانون الأول الجاري، لم تتحقق في أي شتاء منذ إنشائهما.

وأوضح في حديثه للجزيرة نت أن سد بيت الرّوش يعد مشروعا إستراتيجيا مهما، بسعة حوالي 220 ألف كوب من مياه الأمطار، ويُعتمد عليه في الزراعة وللمرة الأولى منذ إنشائه يكاد يمتلئ بالمياه.

وأضاف أن مستوى المياه في السد لم يصل في فصول الشتاء خلال السنوات الأخيرة نصف ما وصل إليه اليوم، وهو ما يؤشر إلى موسم مطري ممتاز، وصل في بعض المناطق إلى 3 أضعاف الكميات المسجلة للشهر ذاته من العام الماضي.

ويُنقَل عن بعض المزارعين قولهم إن ما تحقق الشهر الحالي لم يتحقق منذ 50 عاما، مبديا تفاؤله بموسم جيد للأشجار والمحاصيل البعلية.

وأوضح أن العام الماضي كان الأسوأ، خاصة على جنوبي الضفة، حيث شهدا جفافا واضحا للأشجار وتراجع المحاصيل الصيفية، فجاء هذا الموسم لينعش التربة من جديد، ويبعث الأمل لدى المزارعين، وبالتالي تحقيق حد أدنى من الأمن الغذائي على صعيد المحاصيل، ومنها حبوب القمح والشعير أو الخضراوات الصيفية التي تعتمد على مخزون التربة من مياه الأمطار.

إعلان

ومع ذلك، قال إن الحكم النهائي على الموسم يعتمد بشكل كبير على هطول الأمطار في مارس/آذار، نظرا لأهميته في نجاح الزراعة البعلية.

كميات الأمطار التي هطلت على بعض المحافظات الفلسطينية منذ بداية الموسم حتى صباح الثلاثاء (مواقع التواصل)
بداية ممتازة

من جهته، وصف مدير دائرة الأرصاد الجوية الفلسطينية يوسف أبو أسعد بداية الموسم المطري بالممتازة، موضحا أنها تجاوزت في عدد من المناطق كميات الهطول طوال الشتاء الماضي.

وأوضحت أن كثيرا من محافظات الضفة لم تتجاوز في شتاء 2024-2025 ما نسبته 40-45% من معدلاتها السنوية العامة، وهذه النسبة تحققت في ديسمبر/كانون الأول وحده، حيث حققت القدس العاصمة أكثر من 237 ملم، أي 44% من المعدل العام، بينما اقتربت الخليل من نصف المعدل العام السنوي، وحققت نسبة هطول بلغت 49%.

وأوضح أن الأهم في كميات الأمطار هو توزيعها على عدة منخفضات جوية، ما يساعد القطاع الزراعي، خاصة الزراعة البعلية التي تعتمد على تساقط الأمطار من جهة، وتغذية الخزانات الجوفية من جهة أخرى.

وأشار إلى تحذيرات رافقت المنخفضات الجوية، أبرزها تشكّل السيول والفيضانات نتيجة تدفق المياه الغزيرة في الأودية، وهو ما تطلب تواصلا وتنسيقا مسبقا مع الجهات المختصة، وعلى رأسها الدفاع المدني لأخذ الاحتياطات اللازمة، والبقاء على أهبة الاستعداد.

الضفة الغربية شهدت أمطارا غزيرة خلال ديسمبر (مواقع التواصل)
الأفضل منذ 2013

بدوره، أوضح الراصد الجوي ليث العلامي للجزيرة نت أن فلسطين تأثرت هذا الشهر بخمسة منخفضات جوية، فكان ديسمبر الحالي الأقوى في هطول الأمطار بعد ديسمبر 2013.

وأضاف أن الكثير من مناطق الضفة تجاوزت معدلها للشهر ذاته، بل وصلت النسبة إلى 200% من المعدلات الطبيعية، كما في النقب وجنوب غرب الخليل والسواحل الجنوبية.

وقال إن مناطق متفرقة شمال ووسط الضفة وصلت نسبة 150% من المعدلات للشهر ذاته، بل إن هناك مناطق حققت 70% من معدلاتها السنوية، خاصة مناطق جنوب الضفة ذات الهطولات المنخفضة.

ورجّح العلامي أن تشهد فلسطين خلال الشهور المقبلة أحوالا جوية أفضل مما مضى، وأن يكون الأداء المطري أقوى بسلسلة منخفضات متواصلة خلال الأسابيع والأشهر المقبلة.

وفسّر تنبؤاته بوجود مرتفع جوي على فترات كثيرة متكررة في أنحاء واسعة وسط وغرب القارة الأوروبية، ما يؤشر إلى أن مسار الكتل الباردة سيكون جنوب شرق أوروبا وتركيا وأحيانا شرق المتوسط والشام وفلسطين.

ولفت العلامي إلى أن كميات الأمطار جنوبي الضفة وقطاع غزة كانت بفارق واضح هذا العام عن شمالي الضفة كما هو معتاد، مشيرا إلى فجوة تصل إلى الضعف بين الشمال والجنوب.

خسائر في الأرواح

رغم الأهمية القصوى للأمطار، فإن الخسائر الكبيرة كانت في قطاع غزة، حيث أعلن الدفاع المدني أمس الاثنين أن تداعيات المنخفضات الجوية أسفرت عن وفاة 25 مواطنا، من بينهم 6 أطفال قضوا نتيجة البرد القارس، بينما تُوفي الآخرون جراء انهيارات المباني والسقوط في آبار وبرك تجميع مياه الأمطار.

كما أعلن عن انهيار 18 بناية سكنية بشكل كامل بعد تضررها من قصف الاحتلال، مما خلّف خسائر بشرية ومادية جسيمة، وتعرّضت أكثر من 110 بنايات سكنية لانهيارات جزئية خطيرة تشكّل تهديدا مباشرا لحياة آلاف المواطنين القاطنين فيها أو بمحيطها.

إعلان

وأشار إلى تطاير وغرق أكثر من 90% من خيام النازحين نتيجة شدة الرياح وغزارة الأمطار، مما أدى إلى فقدان آلاف الأسر مأواها المؤقت.

أما في الضفة الغربية، فقد سجلت أصعب الحالات بوفاة شاب جرفه أحد السيول جنوبي الضفة الغربية، يوم الاثنين، كما أعلن الدفاع المدني عن عشرات الاستجابات لتدفق المياه على المنازل وإغلاق الطرقات وانهيارات في الشارع وغيرها.



إقرأ المزيد