لماذا تشعر الحامل بالضيق والامتلاء مع تقدم الحمل؟
الجزيرة.نت -

Published On 31/12/2025

|

آخر تحديث: 14:00 (توقيت مكة)

شارِكْ

من أكثر الأمور إزعاجا في فترة الحمل، لا سيما في الأشهر الأخيرة، ضغط الجنين على الأعضاء الداخلية للأم، الناتج عن التوسع الطبيعي للرحم. فهذا الأخير يكون قبل الحمل بحجم حبة الليمون، ويقع أسفل السرة مباشرة، لكن مع حدوث الحمل ونمو الجنين يبدأ بالتوسع والتمدد ليصل إلى حدود القفص الصدري بحلول وقت الولادة، ويصبح بحجم البطيخة تقريبا.

هذا التوسع يعتبر السبب الأساسي في الضغط على الأعضاء الداخلية وتغير تموضعها، مثل المعدة والأمعاء والرئتين والكبد والطحال، فما الأعراض المصاحبة لهذا الضغط، وكيف تتكيفين معها؟

تأثير نمو الجنين على الأعضاء الداخلية

المعدة والأمعاء

عندما يكبر الرحم فإنه يدفع المعدة والأمعاء إلى الأعلى والأمام، مما يقلل من المساحة المتاحة للهضم الطبيعي، ويؤدي ذلك إلى بطء حركة الطعام في الأمعاء وشعور بالامتلاء أو الانتفاخ، وزيادة احتمالات حرقة المعدة وارتجاع الحمض، خصوصا بعد تناول وجبات منوعة ودسمة، كما أن الهرمونات المرتفعة مثل البروجسترون تجعل عضلات المعدة أكثر ارتخاء، مما يزيد من هذه التأثيرات.

المثانة

يقلل الضغط على المثانة من سعتها ويجعل الحامل تشعر بالحاجة للتبول بشكل متكرر نهارا وليلا، ويعتبر هذا الضغط أحد الأسباب الشائعة لكثرة التبول أثناء الحمل.

الرئتان والحجاب الحاجز

ارتفاع الرحم يضغط على الحجاب الحاجز، مما يقلل من المساحة المتاحة للرئتين أثناء الشهيق والزفير، وهذا ما يفسر بعض ضيق التنفس الذي تشعر به الكثير من النساء، خصوصا في الثلث الثالث من الحمل.

العمود الفقري والعضلات الداعمة

تغير مركز الثقل مع نمو الرحم يزيد الضغط على العمود الفقري وأسفل الظهر، مما يسبب آلام أسفل الظهر وتوتر العضلات، ويؤثر على توازن الجسم أثناء المشي أو الوقوف فترات طويلة.

إجراء بعض التغييرات على نمط حياتك يخفف الإزعاج الناتج عن ضغط الجنين (شترستوك)
الكبد والطحال والأعضاء الأخرى

يدفع الحمل بعض الأعضاء مثل الكبد والطحال قليلا عن أماكنها الطبيعية، لكنها عادة تتكيف تدريجيا مع الضغط، مما يساعد الجسم على الحفاظ على وظائفه الأساسية ويسمح في الوقت نفسه بنمو الجنين.

كيف تتكيفين مع هذه التغيرات؟

رغم أن ضغط الجنين على الأحشاء الداخلية أمر طبيعي أثناء الحمل، فهناك طرق علمية تساعدك على التكيف معه وتقليل شعور الانزعاج اليومي، ومن أبرزها:

إعلان

1 – تعديل الوضعيات أثناء النوم والجلوس

تعديل الوضعيات أثناء النوم والجلوس من أبسط وأكثر الطرق فاعلية للتخفيف من ضغط الجنين على الأعضاء الداخلية، فالاستلقاء على الجانب الأيسر يساعد على تحسين عودة الدم إلى القلب ويعزز تدفقه إلى المشيمة والجنين، كما يقلل الضغط على الوريد الأجوف الكبير، مما يخفف الشعور بالدوخة والتعب. هذه الوضعية تسهم أيضا في تخفيف الضغط عن الرئتين والمعدة والمثانة، مما يقلل من ضيق التنفس وحرقة المعدة وكثرة التبول، إضافة إلى الحد من آلام أسفل الظهر.

أما أثناء الجلوس، فإن الحفاظ على وضعية مستقيمة للظهر مع دعم أسفل الظهر بوسادة صغيرة يساعد على توزيع وزن الجسم بشكل متوازن ويقلل الانحناء الزائد للعمود الفقري. كذلك فإن تجنب الجلوس لفترات طويلة دون حركة، ورفع القدمين قليلا عند الإمكان، يخفف من توتر العضلات والشعور بالثقل، ويساعد الجسم على التكيف بشكل أفضل مع التغيرات التي يفرضها نمو الرحم والجنين.

2 – وجبات صغيرة ومتكررة

بدلا من تناول وجبة كبيرة، تناولي وجبات أصغر على مدار اليوم. هذا يساعد الجهاز الهضمي على العمل بكفاءة أكبر أثناء الحمل، خاصة مع ازدياد ضغط الرحم على المعدة والأمعاء. فعند تناول وجبة كبيرة، تمتلئ المعدة بسرعة ويزداد الضغط عليها، مما يرفع احتمالات حرقة المعدة والارتجاع الحمضي والانتفاخ. أما تناول كميات صغيرة على فترات منتظمة فيخفف هذا الضغط، ويساعد الطعام على الهضم بشكل أسهل وأبطأ دون إجهاد للمعدة.

كما أن هذه الطريقة تسهم في الحفاظ على مستوى طاقة مستقر طوال اليوم، وتقلل الشعور بالثقل أو الخمول بعد الأكل. وينصح دائما باختيار وجبات خفيفة ومتوازنة، وتجنب الاستلقاء مباشرة بعد تناول الطعام، مما يساعد على تقليل الأعراض المزعجة المرتبطة بضغط الرحم على الجهاز الهضمي.

لا بد من استشارة الطبيب عند الشعور بأعراض جانبية مثل الدوخة والألم الشديد في البطن أو الظهر (شترستوك)
3 – الحركة الخفيفة والتمدد اليومي

ممارسة الحركة الخفيفة والتمدد من أفضل الطرق للتخفيف من آثار ضغط الجنين على الجسم أثناء الحمل. فالمشي البسيط أو تمارين التمدد الخفيفة يساعدان على تنشيط الدورة الدموية، مما يحسن وصول الأكسجين إلى العضلات ويقلل من الشعور بالثقل والتعب، كما تسهم هذه الحركة في إرخاء العضلات المشدودة، خاصة في أسفل الظهر والحوض، وهي مناطق تتأثر بشكل واضح مع تغير مركز الثقل أثناء الحمل.

إضافة إلى ذلك تساعد الحركة المنتظمة على تحسين توازن الجسم وتقليل تيبس المفاصل، وتدعم عملية الهضم وتخفف من الإمساك الناتج عن ضغط الرحم على الأمعاء.

4 – تمارين التنفس العميق أو اليوغا الخفيفة

تمارين التنفس العميق أو اليوغا الخفيفة وسيلة فعالة لمساعدة الجسم على التكيف مع ضغط الرحم المتزايد أثناء الحمل. فالتنفس العميق والمنظم يساهم في تحسين تمدد الرئتين وزيادة كفاءة نقل وتوزيع الأكسجين، مما يقلل من الإحساس بضيق التنفس الناتج عن ارتفاع الحجاب الحاجز وضغط الرحم عليه، خاصة في المراحل المتقدمة من الحمل.

كما تساعد اليوغا الخفيفة الحامل على إطالة العضلات بلطف وتحسين وضعية الجسم، مما يخفف الضغط عن الصدر والظهر.

إعلان

5 – الترطيب وتناول الألياف الغذائية

يساعد الترطيب الجيد وتناول الألياف الغذائية بشكل أساسي في دعم الجهاز الهضمي أثناء الحمل والتخفيف من تأثير ضغط الرحم على الأمعاء والمعدة. فشرب كميات كافية من الماء يوميا يسهم في تليين البراز وتحسين حركة الأمعاء، مما يقلل من فرص الإصابة بالإمساك ويخفف الشعور بالثقل والانتفاخ.

أما الأطعمة الغنية بالألياف، مثل الخضار المورقة والفواكه الطازجة والحبوب الكاملة والبقوليات، فتساعد على تنظيم عملية الهضم وتحفيز حركة الأمعاء بشكل طبيعي.

6 – الالتزام بالراحة

الالتزام بالراحة شرط مهم لمساعدة الجسم على التكيف مع التغيرات الجسدية المتزايدة أثناء الحمل. فأخذ فترات قصيرة ومتكررة من الراحة أثناء اليوم يخفف العبء عن العضلات والمفاصل، ويقلل من الإحساس بالثقل والضغط في منطقة البطن وأسفل الظهر، خاصة مع تقدم الحمل.

كما أن رفع القدمين عند الجلوس من حين لآخر يساعد على تحسين الدورة الدموية وتقليل تورم الساقين والقدمين، وهو أمر شائع لدى الحوامل. هذه العادة البسيطة تسهم في تخفيف الإجهاد العام للجسم، وتمنح الأم شعورا أكبر بالراحة، مع دعم تدفق الدم بشكل أفضل إلى المشيمة والجنين، مما يعزز الصحة العامة لكليهما.

متى تجب استشارة الطبيب؟

رغم أن الضغط على الأحشاء الداخلية أثناء الحمل أمر طبيعي، فإن هناك بعض العلامات والأعراض التي تستدعي زيارة الطبيب فورا للتأكد من سلامتك وسلامة الجنين. وتشمل:

  • ألم شديد أو مفاجئ في البطن أو الظهر.
  • نزيف في المهبل.
  • ضيق حاد في التنفس لا يزول بالراحة.
  • دوخة شديدة أو إغماء، أو ملاحظة تغييرات غير معتادة في حركة الجنين.
  • صعوبة مستمرة في التبول.
  • تورم حاد في اليدين والقدمين.
  • أعراض حرقة شديدة لا تتحسن باتباع الإجراءات المنزلية.

يُقَيّم الطبيب في هذه الحالات ضغط الرحم على الأحشاء ويتأكد من عدم وجود مضاعفات مثل ارتفاع ضغط الدم ومشاكل في الجهاز الهضمي، أو أي حالات صحية أخرى قد تحتاج إلى تدخل طبي.

متى تعود الأعضاء إلى وضعها الطبيعي؟

مع عودة الرحم إلى موقعه الطبيعي في الحوض بعد الولادة، تعود الأعضاء البطنية تدريجيا إلى أماكنها الأصلية. قد تلاحظين تحسنا في التنفس والراحة العامة مباشرة بعد الولادة، لكن العودة الكاملة للوضع الطبيعي تستغرق حوالي شهرين بعد الولادة.



إقرأ المزيد