«الحماية الاجتماعية».. تحفّز الأنشطة الاقتصادية وتعزّز دعم الاستهلاك
جريدة الرياض -

إيجابية كبيرة عادت على الاقتصاد الوطني السعودي نتيجة للدعم المالي المباشر الضخم الذي تقدمه الدولة للمواطنين عبر العديد من برامج الحماية الاجتماعية المقدمة لهم لمواجهة أي صعوبة تعترضهم إضافة إلى تلبية مختلف احتياجاتهم ومتطلباتهم، مثل السكن والرعاية الصحية والتعليم وخلاف ذلك، إذ عزز ذلك الدعم الاستهلاك وأسهم بتحفيز محتلف الأنشطة الاقتصادية وساعد زخمه الإيجابي في زيادة الطلب والإنتاج محققا ما تصبو إليه القيادة من استقرار للمجتمع ونمو اقتصادي وطلب لاستدامة تنموية ولم تغفل برامج الحماية الاجتماعية في المملكة أي فئة تحتاج إلى الدعم فكانت برامج الدعم والتمويل الاجتماعي شاملة وفي البعض منها استباقية ووقائية، منها على سبيل المثال الإعانات المالية المخصصة للأسر المحتاجة كحاضني الأيتام وأصحاب الهمم والمقبلين على الزواج والمعاش الضماني الشهري للمستحقين وبرنامج حساب المواطن الشهري وبرامج الحماية الاجتماعية للباحثين عن العمل وبرامج الدعم السكني المختلفة.

حجم الإنفاق الحكومي

ويعكس حجم الإنفاق الحكومي الكبير في ميزانية هذا العام 2024 والذي يبلغ 1.251 مليار ريال خصصت للإنفاق على عدد من القطاعات المهمة من ضمنها 214 مليارًا موجهة للصحة والتنمية الاجتماعية وتشمل خدمات الضمان، والرعاية الاجتماعية والثقافية والإعلامية والرياضية والترفيهية وإدارة برنامج جودة الحياة ومنها نحو 216 مليارًا، مخصصة للنفقات الخاصة بحصة الحكومة في معاشات التقاعد والتأمينات الاجتماعية وتكلفة الدين، ومخصص حساب الموازنة، والمساهمات في المنظمات الدولية والبرامج والمرافق الحكومية، إضافة إلى الإعانات، ومخصصات الطوارئ. ومنها 43 مليار لقطاع الإدارة العامة الذي من ضمن مهامه خلق وتوطين الوظائف، مدى اهتمام الدولة بالمواطن ونظرتها الاستشرافية لتنمية وتطوير وتحديث المجتمع على جميع المستويات.

وكما يصعب حصر الدعم المالي المباشر الضخم الذي تقدمه الدولة للمواطنين يصعب أيضا الإحاطة بالأثر الإيجابي والنفع الكبير لذلك الدعم على الاقتصاد الوطني وعلى حياة المواطنين ولعل بعض الأمثلة كفيلة بالتوضيح فحساب المواطن الذي أنشئ لحماية الأسر السعودية من الأثر المباشر وغير المباشر المتوقع من الإصلاحات الاقتصادية المختلفة، والتي قد تتسبب بعبء إضافي على بعض فئات المجتمع، بلغ إجمالي ما دفعـه للمستفيدين منذ انطلاقته وحتى دفعة شهر يوليو من هذا العام 2024م والتي شملت أكثر من 2.1 مليون رب أسرة نحو 209 مليارات، هذا الدعم النقدي المدفوع مباشرة إلى المستفيدين والذي تم إقراره تحسبا لأي سلبية تطال المواطنين لتأثير تحرير أسعار الوقود وتحويلها إلى اقتصاد السوق وفقاً لرؤية المملكة 2030 بعد السلبيات التي كانت تحدث من خلال الدعم الحكومي السابق لأسعار الوقود والتي منها أن أسعار الوقود كانت بعيدة جداً عن تكلفتها الحقيقية وبالتالي فهي سبب في حدوث هدر مالي كبير نظراَ لأن دعم الوقود يستفيد منه غير المستحقين وبأسعار زهيدة، فقدأظهر تحرير أسعار الوقود نجاحا كبيراً في ترشيد هدر المال والاستهلاك المفرط للوقود، بعد أن كانت المملكة في صدراة قائمة الدول الأكثر إفراطا في إستهلاكه، كما ساعد على تنويع إيرادات الموازنة وفق برنامج التحول الوطني ورؤية 2030 .

نجاح حساب المواطن

وكانت توقعات الخبراء تقدر أن يوفر خفض الدعم للبنزين على الدولة نحو ثمانية مليارات دولار سنوياً ونجح حساب المواطن بإمتياز في تجنيب المواطن السعودي من الآثار المباشرة المحتملة على دخله نتيجة الارتفاع في تكلفة فواتير الاستهلاك المباشر جراء ارتفاع أسعار استهلاك الكهرباء والوقود، وجراء ارتفاع أسعار المنتجات والخدمات التي سيطبق عليها ضريبة القيمة المضافة، إضافة إلى الآثار غير المباشرة لتلك الإصلاحات، وانعكاساتها المحتملة على مستويات الأسعار بفعل ارتفاع التكلفة على المنتجين والموردين وعموم البائعين للسلع والخدمات.

من الأمثلة أيضاً على فوائد الدعم المالي المباشر الضخم الذي تقدمه الدولة للمواطنين عبر برنامج الضمان الاجتماعي المطور ودوره في السيولة النقدية التي يتلقاها المواطنون من الطبقة المتوسطة والفئات الأقل منها، فقد عكس هذا الضمان حرص الدولة على تحقيق الأمان الاجتماعي خصوصا وأنها راعت أن يكون النظام شموليا في إستهدافه المحتاجين فقط بغض النظر عن الجنس أو الحالة الاجتماعية مادامت المعايير والشروط متحققة، كما أنه راعى أيضا وصول المعاش للمستحقين مع تمكينهم من السعي لتحقيق الاستقلال المالي ودعمهم للتحول من أفراد محتاجين إلى أفراد منتجين في المجتمع، مع رقابة عالية ومتابعة مستمرة لتحقيق أهداف النظام بشكل عام وأتاحت الأموال التي يتلقاها المستفيدون من الضمان الاجتماعي تلبية مختلف الاحتياجات الأساسية والضرورية لهم بدء بالغذاء والإسكان والرعاية الصحية لتسهم تلك التدفقات النقدية في تعزيز الإستهلاك وتحفيز مختلف صور وأنواع  النشاط الاقتصادي التي تتقاطع معها وحقق الضمان نجاحات مهمة جدا عبر العمل على تمكين المستفيدين منه من المتاح من الفرص الوظيفية والتدريبية، إضافة للخدمات الداعمة للمشاريع الإنتاجية والريادية بهدف تحسين ظروف المستفيدين المعيشية والاقتصادية وتحويلهم من الرعوية إلى الإنتاج والاستقلال المادي،وتشير تقارير حديثه إلى النجاح في تمكين أكثر من 170 ألف مواطن ومواطنة من الاستغناء عن دعم الضمان الاجتماعي، وهذا العدد الكبير يعد جزءا من النجاح الضخم المتحقق على مستوى سوق العمل في المملكة وعلى أنشطة توطين العمل فقد قفز عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص من (1,7) مليون في 2019 إلى (2,3) مليون في عام 2023، وهو رقم قياسي يتم تحقيقه للمرة الأولى؛ من بينهم (361) ألف مواطن لم يسبق لهم العمل، كما زادت مشاركة المرأة من 17% إلى 35.5%، وهذ يتجاوز مستهدف رؤية 2030 المحدد بـ(30%)، إلى جانب انخفاض معدل البطالة بين السعوديين إلى 7.7%، مقارنة بـ12.2 هو بذلك يقترب من مستهدف الرؤية قبل حلولها بسبعة أعوام، علما أن معدل البطالة كان في بداية الرؤية عام 2016 في حدود 11.6%.

تمويل رواد ورائدات الأعمال

ومن صور وأمثلة الدعم الذي تحرص الدولة على استمراره توفير التمويل اللازم لرواد ورائدات الأعمال وممارسي العمل والأسر المنتجة وخلاف ذلك من الفئات الراغبة في نيل العون للعمل والتدريب والتأهيل له إمعانا منها في حماية وصيانة المجتمع فذلك الدعم وسيلة مهم لها دورها في تحفيز الاقتصاد الوطني وزيادة الأنشطة التجارية وتطوير الصناعات إضافة إلى  تعزيز المنافسة في السوق والتي تعمل على تحسين الجودة وتقليل الأسعار وكل ذلك يلعب أيضا دورا مهما في خلق المزيد من فرص العمل التي تعمل على تقليل معدلات البطالة وقد ضخ  بنك التنمية الاجتماعية السعودي 3 مليارات ريال لدعم الشركات الناشئة في المملكة خلال العام الماضي 2023، بجانب تخصيصه 27 مليار ريال لدعم الشركات الناشئة على مدى 4 سنوات،كما بلغ إجمالي التمويل الذي قدمه بنك التنمية الاجتماعية خلال النصف الأول من هذا العام 2024 م نحو 4.6 مليارات ريال، استفاد منها 70 ألف مواطن من مختلف مناطق المملكة، توزعت على تمويل ممارسي العمل الحر والأسر المنتجة بمبلغ 1.7 مليار ريال، بالإضافة إلى تمويل المنشآت الصغيرة والناشئة بأكثر من 1.6 مليار ريال لـ 5 آلاف منشأة، بينما بلغ حجم التمويل الاجتماعي 1.3 مليار ريال، استفاد منه أكثر من 23 ألف مستفيد.

الضمان الاجتماعي المطور توسع في تغطية احتياجات الأسر السعودية
حساب المواطن رافد لمتطلبات المواطن الأساسية


إقرأ المزيد