«شركات الاستثمار» يُنظّم برنامجاً تدريبياً حول «التخطيط المالي وإدارة الموازنات»
جريدة الراي -

نظّم اتحاد شركات الاستثمار (UIC)، من خلال ذراعه التدريبية مركز دراسات الاستثمار (ISC)، البرنامج التدريبي المتخصص حول Budgeting, Planning & Management Reporting، والذي قدّم رؤية متكاملة لكيفية بناء مستقبل المؤسسة من خلال أدوات التخطيط المالي.

البرنامج الذي عُقد خلال الفترة 14 - 16 أكتوبر 2025، لم يكن محاضرة تقليدية، بل رحلة فكرية وعملية أعادت تعريف دور الميزانية بوصفها لغة المؤسسة، لا مجرد ملف محاسبي. وناقش بشكل معمّق كيف يمكن للمؤسسات الاستثمارية أن تتعامل مع الموازنة باعتبارها أداة قيادة إستراتيجية. فبدلاً من استخدامها لتقييد الإنفاق فحسب، يمكن استخدامها لتوجيه الموارد نحو المجالات الأكثر قيمة. وبدلاً من أن تكون مجرد آلية محاسبة، يمكنها أن تتحوّل إلى بوصلة تحدد الاتجاه نحو النمو.

منذ 25 دقيقة

منذ 26 دقيقة

ومن بين الدروس التي طُرحت، برزت أهمية أن إعداد الموازنة الناجحة لا يقتصر على الإدارة المالية وحدها. بل هو مشروع مؤسسي جماعي يُشارك فيه الجميع: من المبيعات إلى الإنتاج، ومن الموارد البشرية إلى الإدارة العليا. فكل قسم يُساهم برؤيته في بناء الصورة الكبرى، وكل رقم يُكتب في الموازنة يعكس قراراً سيؤثر على بقية المنظومة.

ويزداد تأثير العملية حين تكون الموازنة مرنة، قادرة على التكيف مع التغيرات الاقتصادية المتسارعة. ففي عالم يتغير فيه سعر النفط في أسبوع، وتتحوّل فيه الأسواق المالية في يوم، تصبح الموازنة التي لا تُراجع دورياً عبئاً بدل أن تكون أداة. من هنا، تبرز أهمية الموازنات المستمرة (Rolling Budgets ) التي تسمح بتحديث التوقعات بشكل منتظم، مما يمنح الإدارة قدرة على المناورة الذكية بدلاً من الجمود.

كما ناقش البرنامج مفهوم الموازنة الصفرية والنهج التصاعدي والتنازلي، موضحاً أن اختيار المنهج يجب أن يتناسب مع طبيعة القطاع وهيكل المؤسسة. واستعرض المشاركون دراسة حالة لشركة NovaTech الماليزية التي استخدمت أدوات مالية دقيقة لاتخاذ قرار استثماري مصيري بشأن إطلاق منتجها EcoSmart. لم يكن القرار سهلاً، لكنه كان مبنياً على تحليل عميق شمل موازنات المبيعات والإنتاج وتحليل نقطة التعادل وحساب NPV وIRR، ليتحوّل من مجرد احتمال إلى مسار نمو فعلي.

وأبرزت هذه الحالة أن الموازنة ليست قراراً رقمياً، بل قرار استراتيجي يُعيد تشكيل هوية الشركة. كما برزت أهمية فهم تكلفة رأس المال WACC، ودورها في تحديد مدى جدوى المشاريع، إلى جانب إدارة السيولة ورأس المال العامل لضمان مرونة المؤسسة.

وأكدت التوصيات العملية أن الموازنة ليست وثيقة حسابية بل رؤية استراتيجية. يجب أن تكون مرنة، وأن تعكس الواقع، وأن تُدار من قبل فريق واعٍ مدرب، وأن تستفيد من الأدوات التكنولوجية الحديثة للتحليل والتخطيط. فالمؤسسات التي تنظر إلى الموازنة كقصة تُكتب يوماً بيوم، لا كمستند يُراجع مرة في السنة، هي التي تصنع مستقبلها بأيديها. وفي عالم يتغير بسرعة، ليست الميزة في مَنْ يملك أكبر ميزانية، بل في مَنْ يملك أذكى موازنة.



إقرأ المزيد