د جزاع الشمري: الرياضة لغة عالمية من دون ترجمة والإبداع الرياضي لا يمكن تعلمه
جريدة الرياض -

الهلال ميولي وهو الطاغي بمنزلي.. ومرحب بجميع الرياضيين بمنزلي

مقرات الأندية لا تستغل كما يجب... والرياضة ليست من اهتمام الشعراء

الصفراء لمن لا يوقر ميوله.. والحمراء للمشجع المتعصب

الاحتراف قضى على مآسي الرياضيين المالية والصحية

أصبحت الرياضة حاضراً صناعة، لذا لم تعد متابعتها مقتصرة فقط على الرياضيين، فهناك آخرون ليسوا في الوسط الرياضي، وأصحاب مسؤوليات ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها ويتابعون تفاصيلها.

تكشف البطولات الكبرى لكرة القدم عن التفاتة رجال السياسة والثقافة إلى ذلك المعشب الأخضر الجذاب، فيتحول رجال الصف الأول في البلدان مع المثقفين في لحظات إلى مشجعين من الدرجة الأولى في مدرجات الملاعب أو مهتمين خلف الشاشات الفضية.

يحضر الكثير من الساسة والمثقفين إلى مدرجات الملاعب خلف منتخبات الوطن، «دنيا الرياضة» تكشف الوجه الكروي لغير الرياضيين، عبر زاوية «الخط الأبيض» التي تبحث عن رؤيتهم للرياضة، وتبحث عن المختصر الرياضي المفيد في حياتهم وضيفنا اليوم الدكتور جزاع الشمري استاذ الأدب والنقد الحديث المشارك المهتم بكتابة الذات والحياة والشخصيات.

*دكتور جزاع هل واجهتك صعوبات في مجال تخصصك؟

  • بالتأكيد الصعوبات موجودة في جميع التخصصات ولا أتصور أنه يوجد تخصص أيا كان نوعه لا يوجد فيه صعوبات أو تحديات سواء على المستوى الشخصي أو الأكاديمي أو حتى العملي، ولله الحمد بالتخطيط والتدريب والتوجيه تتلاشى هذه الصعوبات شيئا فشيئا، فالحياة لا تخلو من تحديات وصعوبات وما التخصصات المختلفة إلا جزء من تلك الحياة.

    *هل لديك كتب عن الشخصيات ومن أبرز تلك الشخصيات؟

 -حقيقة لم أكتب في كتب منفردة عن تلك الشخصيات وحياتهم.. وهذا هو مشروعي القادم آمل أن يتحقق يوما ما، فهناك شخصيات كبيرة تستحق أن يكتب عنها في مؤلفات على رأسهم خادم الحرمين الشريفين وصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ومعالي وزير الثقافة ومعالي عبدالله الربيعة ومعالي ماجد القصبي وغيرهم الكثير من الشخصيات التي أسهمت في بناء الوطن ولها أثر في ذلك. قرأت الكثير والكثير عن الشخصيات وحيواتهم عالمية كانت أو عربية أو سعودية، ودراستي كانت أدبية نقدية في حيوات بعض الأدباء والكتّاب السعوديين فيما كتبوه عن حياتهم وعن ذواتهم وتاريخ حياتهم الشخصي منذ الطفولة وحتى الشيخوخة أو من كتب في أجزاء من حياته العملية أو الإدارية وغيرها أمثال غازي القصيبي وعبدالعزيز خوجه وحمد المانع وأحمد عبدالغفور عطار وإبراهيم الناصر وعبدالله بن أدريس وعبدالله صادق دحلان وغيرهم من الأدباء والكتّاب السعوديين. رحم الله من غادرنا منهم وحفظ الأحياء.

*هل الرياضة لدينا باتت صناعة، وإذا هي كذلك كيف نتعامل معها؟

-نعم، بعد الدعم الحكومي اللامحدود للأندية في فترة سابقة من خلال سداد المديونيات وإنشاء وتطوير المنشآت الرياضية، وزيادة الاتحادات الرياضية في مختلف الألعاب، والاعتماد على مبادئ الحوكمة وزيادة الحوافز على تطبيقها، إضافة إلى مضاعفة احتكاك الكوادر الرياضية المحلية بالكوادر المميزة عالميا، وبعد ذلك خصصة بعض الأندية ودخول الشركات الكبرى للرعاية واستضافة أبرز الأحداث الرياضية العالمية كرالي داكار، وفورملا1، وفورملا E، وألعاب المصارعة والملاكمة العالمية وغيرها، كل ذلك يدل على أنها باتت صناعة ستؤتي ثمارها في المستقبل القريب.

*توافقني بأن منشآت الأندية أحد أوجه الهدر المالي لدينا؛ ماذا لو استغلت بالتشغيل؟

-نعم أتفق، فمباني الأندية على ضخامتها وتطورها، لا تستغل الاستغلال الأمثل بفتحها للزائرين والوفود السياحية، ولا تتاح فرصة استقطاب المشجعين للدخول إلى أعماق ذاكرة منجزات النادي من خلال المتاحف الخاصة بالكؤوس والميداليات والجوائز وصور اللاعبين خلال مسيرة النادي، ولا تحيط ببعضها الخدمات التي تستقطب الزوار خارج أوقات المناسبات الرياضية، كما أنها لا تحوي أنشطة ثقافية غير ما يتعلق بأنشطة النادي، ولا تنهض بجانب المسؤولية الاجتماعية للنادي، كاحتضان المعارض والورش والندوات والفعاليات التي تخدم المجتمع خارج الإطار الرياضي.

*التعصب في التشجيع هل يمكن أن نسميه تطرفاً فكرياً رياضياً، ولماذا؟

-لا يعد التعصب في التشجيع سلوكا مذموما دائما، بل هناك تعصبا محمودا لا يعبر إلا عن انتماء المشجع إلى الكيان الرياضي يتسم بالرقي والتسامح، أما نوع التعصب الذي نعده تطرفا، فهو ذاك المفضي إلى استخدام الألفاظ أو الأفعال تجاه المنافسين ومشجعيهم، ويعمي بصيرة صاحبه عن حسنات الآخرين وعن المعنى الأسمى للرياضة.

*هل ترى أن التعصب الرياضي وصل مداه وبات الحوار المتزن غائباً؛ أم نعيش عكس ذلك حالياً؟

-بتعبير آخر يمكن أن نقول إن التعصب المتطرف يغيّب الحوار، وهو حسب متابعتي قليل مقارنة بالتعصب المحمود، ولا يعد هذا النوع من التعصب المتطرف ظاهرة إلا حين يصدر عن إعلاميين أو مسؤولين رياضيين ينشر الإعلام تصريحاتهم المثيرة، فتعم فوضاها مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المجالس، ويقع في فخها الأغرار.

*في الرياضة يحصد الفائزون والمبدعون الكؤوس، فما الذي يقابل ذلك لدى المبدعين في المجالات الأخرى أدبيا؟

 -أأولت المملكة العربية السعودية بدعم خادم الحرمين الشريفين وولي عهده جل اهتمامها في كافة القطاعات وما الرياضة والشباب إلا جزء من هذه القطاعات، ووزارة الثقافة وعلى رأسها سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود ومعالي نائبه الكريم وكافة رؤساء الهيئات والعاملين فيها تبنت الوزارة دعم وتشجيع الأفراد والمبدعين مادياً ومعنويا في القطاعات الثقافية كافة في جميع مساراتها إذ خصصت لهم الجوائز والاحتفاء بمنجزاتهم. ومن ذلك مبادرة الجوائز الثقافية الوطنية ومنها جائزة الأدب وجائزة المسرح والفنون الأدائية وجائزة الترجمة، وبالأمس أيضاً أعلن معالي المستشار تركي آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه مشكوراً عن إطلاق «جائزة القلم الذهبي للرواية» والتي تركز على الأعمال الروائية الأكثر شعبية والأكثر قابلية للتحويل لأعمال سينمائية بمجموع جوائز 690 ألف دولار، وهذه الجائزة كبيرة في معناه وفي قيمتها، وفي انتظار تفاصيلها، وغيرها من الجوائز على المستوى الثقافي والأدبي.

*هل سبق أن أقدمت على عمل وكانت النتيجة «تسللاً» في لغة كرة القدم؟

 -كثيرة.. لا يخلو أي عمل من تسللات كما في لغة كرة القدم، ولكن اللاعب يعيد الكرة مرة بعد أخرى حتى يكسر حاجز التسلل ويتحقق الهدف بعون الله وتوفيقه.

*برأيك ما سبب انعدام إقامة المنتديات الأدبية في صالات الأندية المغلقة ومن تحمل مسؤولية القصور؟

 -في الحقيقة ولله الحمد المنتديات والفعاليات الثقافية والأدبية على مستوى الوطن كثيرة، بل أكاد أجزم بأنه لا يمر اليوم دون فعالية أو ندوة أو دورة أو مسابقة  ووزارة الثقافة ممثلة في جميع هيئاتها لم تقصر في زيادة الإبداع ومشاركة المجتمع فهي من ركائز استراتيجياتها وتطلعاتها خاصة في إقامة مثل هذه الفعاليات، كما أن وزارة الرياضة بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل أولت عنايتها ودعمها واهتمامها بالشباب ولا أتصور وجود القصور على مستوى الوزارة، فالمجتمع ومشاركته جزء من أولوياتها وتطلعاتها، لكن ربما يكون القصور من بعض رؤساء الأندية الأدبية وذلك بسبب تركيز اهتمامهم على النشاطات الرياضية خاصة فكما تعلم كثرة المشاركات والمسابقات الرياضية في الموسم الرياضي.

*ماذا عن جديدك في عالم الادب والنقد؟

 -عالم الأدب والنقد عالم كبير وواسع وبحمد الله وفضله لا يكاد يمر الشهر والعام إلا بمشاركة أدبية أو نقدية أو بحثية أو دورة تدريبية في جميع أجناس الأدب. أما فيما يخص المشروعات فبعون الله تعالى أمل أن تتحقق الغايات في إنجاز البحوث العلمية التي أعكف على إتمامها، ومشروع كتابة السيناريو وغيرها.

*هل ترى أن الرياضة ثقافة، وإن كانت كذلك فكيف نتعامل مع تلك الثقافة على الوجه الأكمل؟

-نعم الرياضة ثقافة، وهي لغة عالمية تصل مباشرة دون ترجمة إلى كل العالم، وهي إحدى أذرع القوة الناعمة محليا وعالميا، فمن خلال سلوك نجومها ومسؤوليها وجماهيرها ينعكس ذلك على صعد مختلفة، كما أن فترة الحدث الرياضي بوجود إدارة واعية ومعلق رصين وتغطية إعلامية ممنهجة يمكن استثمارها لنشر العديد من الأفكار النافعة والمثرية.

*الشهرة عالم، كيف يمكن أن تكون شهرة لاعبي الكرة طريقاً لتكريس السلوك الحضاري في حياة النشء؟

-نجوم الوسط الرياضي بطبيعتهم محبوبون من جماهيرهم، وسلوكهم الإيجابي سيؤثر حتما على النشء، فهم يتخذونهم قدوات ورموزا للبطولة والتميز، ويمكن من خلال الإعلام الرياضي أن نكرس عددا من الرموز والأبطال الرياضيين دون تمييز إلى أن يصبحوا أكثر تعبيرا عن القدوة الحسنة، ويمكن للمؤسسات الثقافية والتعليمية أن تستقطب عددا منهم لتقريبهم وعرض تجاربهم المميزة أمام النشء.

*كانت الرياضة للصحة والمتعة، والآن أصبحت للمال أكثر؛ من أفسد بياضها؟

-وما تزال الرياضة للصحة وللمتعة، ولا بأس أن يجني منها الناس منافع أخرى، فلولا وجود هذه الأموال الضخمة لما تفرغ النجوم الرياضيون للألعاب الرياضية، خاصة ونحن نعلم أن العمر الرياضي أقل بكثير من العمر الوظيفي، وحين كان الهواة لا يتقاضون أجورا كأجور اللاعبين اليوم، شاهدنا المآسي المالية والصحية التي تعرض لها بعض رموز الكرة قبل عقود الاحتراف.

*كيف صارت لغة المال والاحتراف طاغية على الإبداع والإخلاص عند اللاعبين السعوديين؟

-دخول رجال المال والأعمال هو المسؤول عن صناعة ثقافة الوسط الرياضي الحالية بعد عقود الاحتراف التي تضاعفت عدة مرات، فجعلت كل لاعب يطمح إلى الحصول على ما يحصل عليه أقرانه وأكثر من ذلك، أما الإبداع والإخلاص عند اللاعبين السعوديين فهو موجود خاصة بعد أن زيدت أعداد المحترفين من خارج الوطن، فأصبح اللاعب المحلي مجبرا على تقديم مستويات تعادل أو تفوق المحترفين الأجانب، أو سيجد نفسه خارج المنافسة، على مستوى ناديه ثم على مستوى الأندية الأخرى.

*الواسطة «لا تصنع النجوم» هل ترى في الوسط الرياضي نجوماً صنعتها الواسطة؟

-الرياضة هواية، والإبداع الرياضي لا يمكن تعلمه، أو تعاطيه بحقنة طبية، وإن كان هناك بعض النجوم قدمته (الواسطة) على الأكفأ؛ فإن بريقه سرعان ما يخفت ويتلاشى، فالمستطيل الأخضر لا يعترف إلا بالمبدعين، والذهب لا يحصده إلا الأكفياء.

*يقولون إن حرية الكتابة في المجال الرياضي، أكبر منها في الشؤون الأخرى إلى أي مدى تقنعك هذه المقولة؟

-لست مع هذه المقولة فكلما اتسعت مساحة الحرية اتسعت مساحة المصداقية، وعبر الكاتب عن آرائه بشفافية وجرأة تضع النقاط على الحروف غالبا، إلا إذا ساقت الأهواء القلم بعيدا عن مساقط الحقيقة.

*لمن توجه الدعوة من الرياضيين لزيارة منزلك؟

-أتشرف بكل لاعبي الوطن والرياضيين.

*لأي الأندية تدين الغلبة في منزلك؟

 -المنتخب السعودي على قائمة المشجعين في المنزل، والهلال له الغلبة من الأندية.

*ما موقع الرياضة في حياتك اليومية؟

 -حقيقة مقل في الجانب الرياضي وقد تكون رياضة المشي هي الوحيدة ومع ذلك قليلة.

*بوصلتك الرياضية إلى أين تتجه عالمياً؟ وما فريقك محلياً؟

-المنتخب الوطني السعودي على أولوية الاهتمام، وعالمياً منتخبي إسبانيا وفرنسا، ومحلياً نادي الهلال.  

*برأيك ما سبب قلة الأعمال الأدبية للشعراء السعوديين عن المنتخب السعودي؟

-ربما لعدم اهتمامهم في الجانب الرياضي وابتعادهم عنه.

*بطاقة صفراء لمن ترفعها؟.

-بطاقة صفراء لمن لا يوقر ميوله.. والتعصب المحمود هو المطلوب.

*وأخرى حمراء في وجه من تشهرها؟

-للمشجع المتعصب

*أخيرا روشتة تقدمها للجماهير الرياضية السعودية؟

-لا للتعصب والنقاشات والجدالات الحادة.

كتاب رسالة الدكتوراه لجزاع الشمري
تكريم للضيف في نادي حائل الأدبي
الضيف في أمسية قصصية
الضيف في رحلة خارجية


إقرأ المزيد