جريدة الراي - 12/4/2023 10:00:20 PM - GMT (+3 )
- طالب الرفاعي لـ«الراي»: قلت له في زيارتي الأخيرة له «عزاء الفنان والكاتب أنه باق بقاء أعماله المبدعة والتي ستعيش عمراً أطول بكثير من عمره»
- محمد ثلاب لـ «الراي»: الراحل كان صديقي ومعلمي... وأسهم بشكل كبير في تغيير منهج الفن التشكيلي
... ورحل «باسم الوجه» و«عفيف اللسان» عن دنيانا، لتُطوى «قصته» الأخيرة، وتبقى ذكراه الطيبة وأعماله الخالدة سارية في عروق الفن التشكيلي، وهو الذي تزيّنت بألوانه الكويت القديمة، ودبتّ الآمال بعزفه الأخاذ على آلات البيانو والأورغ وغيرهما، تاركاً «بصيص أمل» في قلوب محبيه، لغدٍ أفضل، يملأه الحب والحلم، والسعادة الأبدية.
فقد وُوري الفنان القدير عبدالعزيز آرتي الثرى عصر اليوم، في مقبرة الصليبيخات عن عمر ناهز الـ 65 عاماً، حيث شيّعه أهله ورفاق دربه إلى مثواه الأخير، متضرعين بالدعاء إلى الله أن يسكنه فسيح جناته.
وفيما نعته جمعية الفنانين الكويتيين و«نقابة الفنانين والإعلاميين الكويتية»، والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، بالإضافة إلى «جمعية الكاريكاتير» التي كان أحد مؤسسيها، استذكر الروائي القدير طالب الرفاعي مآثر رفيق دربه آرتي، قائلاً: «كنت قبل مدة في زيارة للصديق المرحوم الفنان عبدالعزيز آرتي في بيته، حيث مرسمه وأدواته والحامل الذي رتّب لوحة جديدة عليه. جلسنا وقد جهّز بكرمه الحبيب، الشاي والقهوة، ومعهما جهّز الحكايات بيننا عن المشهد الفني والمشهد الثقافي، وعن حال الفنان والكاتب، وقبل أن أودّعه قلت له: (عزاء الفنان والكاتب أنه باق بقاء أعماله المبدعة، والتي ستعيش عمراً أطول بكثير من عمره). قبلته وتودّعنا، وبقي وصل الرسائل اليومية الحبيبة التي يرسلها مع وروده كل صباح».
وأضاف «رحم الله الصديق الفنان عبدالعزيز آرتي، فهو ضمن مجموعة من الفنانين التشكيليين الكويتيين الذين نذروا جلَّ أعمالهم لبيئة وطنهم الكويت. وكما خلّد الفنان الراحل أيوب حسين، العادات والتقاليد ومظاهر عيش كويت ما قبل النفط، استطاع آرتي بإبداع الفنان وحرفيته العالية، ومواظبته الدائمة أن يُبدع لوحات تشكيلية مُبدعة ستبقى حاضرة في قلوب وقاعات وبيوت الكويتيين وغيرهم».
ومضى الرفاعي يستذكر سيرة الفقيد، قائلاً: «الفنان المرحوم عبدالعزيز آرتي، بالإضافة إلى تميّز إبداعه، فلقد تميّز بالخلق النبيل، وحسن الصحبة، وظلَ دائماً عفيف اللسان، باسم الوجه، بعيداً كل البعد عن التكبّر والخيلاء».
وختم بالقول إن «الساحة الفنية الكويتية والخليجية والعربية، إذ تفقد اليوم فناناً حقيقياً، نذر عمره لتجسيد وحفظ بيئة وطنه، فإنها تفقد طاقة إبداعية تشكيلية متجددة وخلاقة. لكنه دولاب الحياة، ونداء الموت القاهر الذي لا نمتلك أمامه إلا التسليم بقضاء الله وقدره... لروح الصديق المرحوم الفنان عبدالعزيز آرتي واسع الرحمة والمغفرة، وللكويت العزاء بفقد أحد أبنائها البررة. إنا لله وإنا إليه راجعون».
«صديقي ومعلمي»
من جهته، قال رئيس جمعية الكاريكاتير الكويتية الفنان محمد ثلاب لـ«الراي» إن «الراحل كان صديقي ومعلمي منذ بدايتي ودخولي الحركة الفنية، وهو أحد الأعضاء المؤسسين لجمعية الكاريكاتير، وكان منذ الاستهلال مؤيداً وداعماً لفكرة إشهار الجمعية».
وتابع ثلاب: «كذلك، خدم الصحافة بفنه الكاريكاتيري وبرسومات جميلة، تماشي الواقع، حيث دأب على تطوير الصور القديمة المستوحاة من البيئة الكويتية، لكونه يميل إلى الحداثة والمُعاصرة، كما أسهم بشكل كبير في تغيير منهج الفن التشكيلي، وله دور بارز في تطويره».
«أبرز الفنانين»
في غضون ذلك، نعت الأمانة العامة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المغفور له بإذن الله تعالى الفنان التشكيلي عبدالعزيز آرتي.
ونقلت الأمانة العامة تعازي وزير الإعلام وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عبدالرحمن بداح المطيري والعاملين في المجلس لذوي الفقيد ومحبيه وللأسرة الفنية على هذا المصاب الجلل، سائلاً المولى عز وجل أن يلهمهم الصبر والسلوان وأن يتغمد الفقيد بواسع رحمته.
وذكر أن الراحل من أبرز الفنانين في الساحة الفنية الكويتية، إذ وضع بصمته الفنية الخاصة في الفن التشكيلي.
«توثيق الكويت القديمة»
كذلك نعت جمعية الكاريكاتير الكويتية الفنان القدير الراحل، الذي يعد أحد مؤسسيها.
وأوضحت الجمعية في بيان لها أن آرتي «من أبرز فناني البيئة المعاصرين في الكويت وقد ترك إرثاً زاخراً من الأعمال التأثيرية التي وثّقت دولة الكويت القديمة بصيغة معاصرة، والراحل من الشخصيات التي تركت بصمة إبداعية في الفن التشكيلي في الكويت».
وأشارت إلى أن الفقيد «من الفنانين الداعمين جداً لفن الكاريكاتير ومن المشجعين والمحفزين للشباب على هذا الفن الساخر، وكان معروفاً بمواقفه الوطنية في فن الكاريكاتير، وناشطاً في المشاركة بالفعاليات الاجتماعية والإنسانية في المجتمع الكويتي».
وأضاف البيان «كما يعتبر من روّاد الفن الكاريكاتيري ومؤسسيه، وقد نشرت أعماله في العديد من الصحف الكويتية والمعارض والندوات الفنية والثقافية على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، وشارك في العديد من المعارض الكويتية والدولية، وحصل خلال مسيرته الفنية على العديد من الجوائز العالمية والعربية والمحلية وشهادات التقدير لأعماله الإبداعية في الكاريكاتير والفن التشكيلي».
آرتي... التلميذ والأستاذ
وُلد آرتي في منطقة الدعية ومن ثم انتقل مع عائلته إلى منطقة الفروانية، ودرس الروضة في طفولته في الأحمدي نسبةً إلى عمل والده في الجوازات وقتذاك، لكن عند انتقاله إلى الفروانية التحق بمدرسة المثنى حيث اكتشف موهبته بالرسم.
وقد تخرج العام 1982 من كلية التربية الأساسية في الكويت، وعُيّن بعدها كأستاذ لمادة التربية الفنية في بعض المدارس، وشغل منصب رئيس قسم.
جوائز
حاز الراحل العديد من الجوائز، منها «الجائزة الذهبية» في فن الكاريكاتير عام 1994، وجائزة «الدرع الذهبية» على مستوى الوطن العربي ضمن المعرض السنوي الذي أقيم في دولة الإمارات العام 1995.
معارض شخصية
أقام آرتي في أكتوبر من العام الفائت معرضاً شخصياً بعنوان «My Story» (قصتي) في «قاعة بوشهري»، فخطّ بريشته أكثر من 35 لوحة فنية، توثّق كل منها تاريخاً في حد ذاته، في ماضي الكويت الجميل، كما شكّل في لوحاته التجريدية والسريالية مزيجاً بين روحيّ المدينة النابضة وسكون الصحراء، ليمنح الرائي فرصة التأمل في تلال البادية، والغوص في بحور الألوان المائية إلى أعماق التراث العتيق.
كما أقام آرتي قبلها خمسة معارض شخصية خلال الفترة من 1992 ولغاية 2013.
آرتي... الموسيقي
كان آرتي موسيقياً، إلى جانب اهتمامه بالرسم، وبدأ شغفه بالعزف على البيانو منذ الصغر، وتحدث لـ«الراي» في آخر لقاء في يوليو الفائت عند إصداره معزوفة «بصيص أمل»، عن تأثره بالموسيقار النمسوي فولفغانغ موزارت، مشيراً إلى أن الموسيقى ترتبط بفكر الفنان التشكيلي ارتباطاً وثيقاً.
إقرأ المزيد