جريدة الأنباء الكويتية - 9/15/2025 12:16:13 AM - GMT (+3 )

- موسيقى وألحان عبدالعزيز الويس من أهم عناصر نجاح العمل بجانب الأزياء والديكور والإضاءة
- شملان تفوق على نفسه برؤية إخراجية محكمة.. والممثلون ملأوا المسرح حيوية وبهجة
ياسر العيلة
أثبتت المسرحية الغنائية الاستعراضية «أوكادا»، التي تعرض حاليا وبنجاح كبير على مسرح «نقابة العمال» في ميدان حولي، أن مسرح الطفل قادر على أن يتجاوز حدود الترفيه البسيط ليقدم دروسا كبرى في السياسة والأخلاق والقيم الإنسانية، في قالب فني جذاب يجمع بين الغناء والرقص والتمثيل والديكور المبهر، فلم يكن العرض مجرد حكاية أسطورية تدور في أدغال أفريقيا، بل كان رحلة في عمق أسئلة كبرى: من يحق له أن يتولى السلطة؟ وكيف يمكن أن تبنى الدول على أساس المحبة لا الحروب؟
الأجواء داخل قاعة المسرح قبل العرض كانت رائعة، الأطفال يرددون كلمات الإعلان الخاص بالمسرحية بشكل حماسي غير عادي، ولم يتوقف هذا التفاعل لحظة واحدة خلال العرض، وتعالت أصواتهم وهتافاتهم مع أداء وأغاني المسرحية، مؤكدين أن «أوكادا» هي صوت النجاح والسعادة.
باختصار، المسرحية هي إنتاج مشترك بين شركتي «مركز الفنون» و«كتويل»، ونجحت في أن تجمع بين المتعة البصرية والسمعية، والرسالة الفكرية والتربوية، مقدمة نموذجا متقدما لمسرح الطفل، لقد كان العرض درسا في أن الفن لا ينفصل عن الفكر، وأن المسرح قادر على أن يغرس في نفوس الأجيال الجديدة قيما كبرى عن الحكم العادل، السلام، والإنسانية، دون أن يفقد لحظة من جاذبيته وبهجته فهي تجربة مسرحية تستحق التقدير، وتؤكد أن الاستثمار في مسرح الطفل ليس ترفا، بل ضرورة تربوية وثقافية، وأن «أوكادا» نموذج يمكن أن يحتذى به في تقديم أعمال فنية راقية تمتع وتعلم في الوقت نفسه.
القصة التي كتبها المؤلف جاسم الجلاهمة بحرفية شديدة دارت أحداثها حول صراع على الحكم في جزيرة «أوكادا»، لكن المسرحية أوضحت أن السلطة ليست غنيمة تنتقل بالوراثة، بل مسؤولية يجب أن يتولاها من يملك القدرة والخبرة، كما شددت الأحداث على أن السلام والحب هما السياسة الأذكى لبناء الأوطان، في مقابل عبثية الحروب والصراعات، واللافت أن العرض جمع بين العفوية الطفولية والاحتراف المسرحي، ما جعل العمل متوازنا، يمتع الصغار ويشد انتباه الكبار في آن واحد.
أبدع الممثلون عبدالله عبدالرضا وإيمان الحسيني وروان العلي والغالية ومحمد المنصوري وطلال باسم وجلنار ومشاري القبندي وأحلام التميمي في تجسيد أدوارهم بشكل جميل وبأداء رشيق ملأوا به خشبة المسرح حيوية وبهجة.
المخرج الشاب شملان النصار الذي أصبح من أبرز المخرجين المتمرسين في مسرح الطفل، أظهر براعة كبيرة في التعامل مع حركة الممثلين والمجاميع على خشبة المسرح، فكل مشهد بدا وكأنه لوحة تشكيلية حية، وتحكم شملان في حركة الممثلين، حيث تنقلوا بانسيابية ونظام على الخشبة، ما عكس انضباطا ووعيا مسرحيا عاليا، ويحسب للرؤية الإخراجية المحكمة التناغم بين التمثيل والاستعراض والغناء فقد كانت هذه العناصر أعمدة نجاح العرض.
الأغاني من وجهة نظري هي روح العرض، ولعبت دورا أساسيا في نجاحه، وجاءت الكلمات التي كتبها جاسم الجلاهمة مباشرة وملائمة للأطفال، والألحان خفيفة وسهلة الحفظ، ولم تكن الموسيقى مجرد خلفية، بل أداة أساسية لنقل الفكرة وتعزيز رسائل الحب والشجاعة والتعاون، وذلك يحسب بالتأكيد للمطرب والملحن المبدع عبدالعزيز الويس.
الأزياء التي صممها د.علي بن حسين ببراعة كانت عنصر جذب بصري مهم، عبرت بوضوح عن شخصيات الخير والشر، بينما الديكور الذي صممته كاترين ساعد في خلق عالم خيالي شد أنظار الصغار والكبار معا، ولا ننسى أيضا الدور الكبير الذي لعبته الإضاءة والتي صممها باحترافية كالعادة فاضل النصار، حيث كانت متجانسة مع أحداث القصة، ومن عوامل النجاح أيضا الدور الكبير الذي قام به المشرف الفني على العمل المخرج محمد السعد والذي بذل مجهودا كبيرا في خروج المسرحية بهذا الشكل الراقي، وساعده في ذلك الفنان مهدي برويز مدير العلاقات العامة ومساعد المخرج خالد خليفة وآخرون.
إقرأ المزيد