قصة نجاح عايض
جريدة الراي -

من الصعب أن تُمسك خيط الهوية الغنائية في زمن تتشابه فيه الألحان وتتكرّر فيه الأصوات، لكن الفنان عايض، استطاع أن يصنع لنفسه خطّاً موسيقياً واضحاً، يقوم على الحداثة من دون فقدان الجذور، وعلى الإحساس الشعبي المغلف بصوت معاصر.

منذ ظهوره في ألبومه الأول «عايض 2016»، قدّم مزيجاً لافتاً من المدرسة الغنائية السعودية الحديثة التي تمزج بين العاطفة البسيطة والعمق اللحني المدروس، كان بحق مشروع فنان يبحث عن هوية صوتية تميّزه عن الجيل الرقمي. في أغانيه الأولى، بدا واضحاً أنه يدرك أهمية الميزان اللحني والتلوين الصوتي في أداء الجملة، وهو ما جعله يتجاوز خانة المغني إلى خانة الفنان الواعي.

منذ ساعة

منذ ساعة

وفي مرحلته الأخيرة، ابتداءً من البوم «كل الخطا 2022» وحتى «عايض 2025»، بدا الفنان أكثر نضجاً وتحرراً من القوالب الجاهزة، ولمست اعتماده في أعماله الأخيرة على الهارموني المتعدد الطبقات، واستخدم التكنيك الحديث في المكساج لإبراز دفء الصوت فوق المؤثرات، ما يعكس تطوراً في رؤيته الإنتاجية وليس فقط الغنائية.

والحق يقال إن الذكاء في تجربة عايض لا يتوقف عند الجانب الفني فحسب، بل يمتد إلى إدارته لنجوميته، ففي زمن تحكمه «الأغنية السريعة» و«الترند العابر»، اختار أن يبني رصيده على الجودة لا على الكثرة، لذلك حافظ على حضوره وسط جيله من دون أن يفقد مصداقيته الفنية، واستطاع أن يجعل من اسمه علامة متزنة بين السوق والذوق.

ويبقى السؤال الأهم: هل كان عايض سيبلغ هذه المكانة لولا الدعم المؤسسي والإعلامي الذي حظي به؟ فالدعم في المشهد الموسيقي الحديث ليس رفاهية، بل هو ما يصنع البيئة الحاضنة للمبدع، حين تتكامل عناصر الإنتاج والترويج والاحتواء، تبرز الموهبة وتتحول إلى ظاهرة، وهذا بالضبط ما نحتاجه في الكويت، حيث تذبل المواهب في غياب التخطيط والدعم الحقيقي رغم الإرث الكبير للأغنية الكويتية، التي كانت يوماً المرجعية الخليجية الأولى في اللحن والكلمة والأداء.

أنا لا أحسد عايض، بل أغبطه، لأن تجربته تمثل ما كنا نتمناه لفنّانينا بأن يجدوا من يؤمن بمواهبهم، ويمنحهم البيئة التي تُخرج أفضل ما فيهم.

تجربة عايض أراها درساً في التوازن بين الحس الشعبي والاحتراف الموسيقي، ولهذا يُعد اليوم أحد نجوم المرحلة الجديدة في الأغنية الخليجية، ونموذجاً للفنان الذي أدرك أن البقاء لا يصنعه الصوت وحده، بل الفكر، والتطوير، والذكاء في الإدارة التي تقرأ الساحة والسوق معاً.

نهاية المطاف: أحياناً لا تحتاج أن تشرح كثيراً... يكفي أن تنجح.



إقرأ المزيد