جريدة الأنباء الكويتية - 11/4/2025 10:46:40 PM - GMT (+3 )
ياسر العيلة
«من الكره ما قتل»، مقولة تعبر عن العواقب الوخيمة للكره المبالغ فيه، وهي تلاعب لفظي بالمثل الشهير «من الحب ما قتل» والذي يستخدم للدلالة على أن الكراهية الشديدة يمكن أن تدمر الشخص الذي يحملها أو الآخرين. هذا هو محور أحداث مسرحية «غرابيل» التي عرضت مساء أمس الأول ضمن مهرجان «باك ستيج المسرحي» الثاني، وهي من تأليف عبداللطيف الياقوت، ومأخوذة عن روايته «للموت وإليه راجعون»، وإخراج علي أكبر، وبطولة فاطمة الطباخ وشبنم خان وضاري النصار ويعقوب حياة وفراس السالم.
المسرحية تنتمي لأعمال الدراما النفسية، وتدور أحداثها حول قيام 3 أبناء بقتل أمهم بدم بارد لأنها كانت تعاملهم بقسوة شديدة منذ أن كانوا أطفالا صغار، وعقب إخفائهم لجثتها تظهر لهم من جديد على هيئة «شبح» لتلومهم وتعاتبهم على ما ارتكبوه من جرم في حقها فتجعلهم في حالة من التوتر والخوف، فهل هي حقيقة أم خيال؟ فيقررون قتلها مرة أخرى، خاصة أنهم لم يشعروا أبدا بالندم على جريمتهم الشنعاء، بالعكس هم معتقدون أنهم على حق، وأيضا الأم التي جسدت دورها الفنانة فاطمة الطباخ تعتقد انها على صواب، لكن يتم القبض على الأبناء الثلاثة بعد أن قام الأخ الصغير نبيل (ضاري النصار) المرتبط بأمه بشكل كبير بإبلاغ الشرطة وبأنه قام هو واخواته زينب (شبنم خان) وصالح (يعقوب حياة) بقتل أمهم وإخفاء جثتها، معتقدين انهم بقتلهم لها تنتهي مأساتهم معها، حيث عبر كل واحد منهم عن معاناته الخاصة معها وتنمرها عليه وإهانتها له وان ذلك سبب كاف للانتقام منها وفي النهاية تتم محاسبتهم ويحكم عليهم بالإعدام.
مؤلف العمل عبداللطيف الياقوت، كاتب موهوب، وأسلوبه سلس، وانتقاؤه للمفردة الكويتية في الحوار كان رائعا، ومن خلال أحداث مترابطة وضع الجمهور في حيرة «هل من المنطق أن يقتل أبناء أمهم مهما كانت الأسباب؟ وهل هذا رد فعل طبيعي منهم بسبب قسوتها عليهم؟ وهل من الكره ما قتل؟
وتعامل المخرج علي أكبر مع النص بتمكن يحسب له، ووظف الإضاءة والديكور والسينوغرافيا باحترافية شديدة، لكن يؤخذ عليه المشهد الأخير فقد كان بحاجة إلى ان يتعب عليه بشكل أفضل مما شاهدناه، فعند قتل الأبناء للأم رقصت البنت أمام جثة والدتها وهي تغني «أبشري يا عين»، فكان من المفترض في نهاية العرض عندما رقصت الأم نفس الرقصة وغنت نفس الأغنية أن يكون ذلك أمام جثامين الأبناء بدلا من رقصها أمامهم وهم جالسون على الكراسي عند محاكماتهم.
أداء الممثلين كان رائعا وإحساسهم وشاعريتهم كانت ممتعة، وكل واحد منهم تنافس على تقديم أفضل ما عنده من أداء، حيث جسدت الطباخ دور الأم التي زوجوها أهلها وهي طفلة لرجل في عمر جدها، وذاقت معه العذاب حتى قامت بقتله والتخلص منه، وللأسف عاملت أبناءها بنفس القسوة.
أما الفنانة شبنم خان فكانت مفاجأة العمل، حضور قوي، وأداء تمثيلي رائع، ولعبت شخصة الابنة «العورة» التي عانت من تنمر أمها منذ ان كانت طفلة وجسدت معنى الوجع الذي عاشته طوال حياتها بصورة متقنة، والشيء نفسه ينطبق على شقيقيها في العمل الفنان ضاري النصار ويعقوب حياة اللذين قدما أداء تمثيليا جميلا، وعبر كل واحد منهما عن مأساته مع أمه بطريقته الخاصة فاستحقا تقدير واحترام الجمهور على أدائهما.
وقدم الفنان فراس السالم دور المحقق بطريقة متميزة، وهو موهوب بحاجة إلى مساحة أكبر في أعماله القادمة.
بشكل عام مسرحية «غرابيل» عمل مميز، ونعتقد انه سيكون منافسا وبقوة على جوائز المهرجان، وقد تميزت بديكور عبدالوهاب الهزيم وموسيقى جاسم عبدالسلام وإضاءة سالم الجسمي وأزياء زينب الشطي ومكياج زينب أشكناني ومساعد المخرج بدر الشمري ومخرج منفذ شهد حسين.
إقرأ المزيد


