جريدة الأنباء الكويتية - 11/6/2025 9:48:46 PM - GMT (+3 )
ياسر العيلة
«من في داخلنا يقودنا.. ومن يقف ضدنا؟»، هذا السؤال الذي يحاول الإنسان الهروب منه عندما يواجه نفسه بشكل مجرد هو محور أحداث العرض المسرحي «اغتراب» الذي تم تقديمه مساء أمس الأول ضمن أنشطة الدورة الثانية من مهرجان «باك ستيج المسرحي»، من تأليف: بشاير، إخراج: فهد فيصل العثمان، بطولة: محمد عبدالرازق، وسعد عوض، وجراح الدوب، ومبارك الراجحي، وعبدالعزيز العنزي، وحمد الفيلكاوي.
المسرحية تتحدث عن قصة حياة مخرجها فهد العثمان بشكل شخصي والأحاسيس الأربعة التي يشعر بها مثل التردد والعصبية والحكمة والخوف، والتي قدمها على خشبة المسرح من خلال أربعة عمال يشتغلون في مصنع مراوح ويكتفون بالتذمر والكلام فقط دون أن تكون لهم ردة فعل على الظلم الذي يواجهونه من المسؤول عن ذلك المصنع.
العمل من الأعمال التراجيدية الثقيلة المتعوب عليها، ويحمل رسالة بأنه يجب على الانسان أن يسمع نفسه، وأن يفرق بين الأشياء التي يحبها قلبه والتي يحبها عقله، ولا بد أن يكون هناك توازن بينهما، وأن يكون متصالحا مع نفسه.
أجاد المخرج في توظيف العمال الأربعة وبقية الممثلين بأن يكون كل واحد منهم من أجزاء المروحة التي يتم تصنيعها، وقدم عرضا سينوغرافيا جميلا وممتعا للنظر، والديكور كان ذكيا في رمزيته، يفتح ويغلق مساحات الإدراك، وهو من تصميم طلال الفريحي، بجانب الاضاءة التي صممت لتترجم الاضطرابات النفسية في تصاعدها وهدوئها، وأتت من تصميم سالم الجسمي، بالإضافة إلى التوظيف الجيد للأزياء لزينة اليوسفي والموسيقى لمحمد الحجي والمكياج لفاطمة النصار وبقية العناصر. كما وضع المخرج لمساته الخاصة في تحرك وخروج الممثلين، وأجمل ما في العرض انه من بدايته حتى نهايته لا يوجد به كالوس أو اظلام، فكل الممثلين موجودون على خشبة المسرح خلال العرض الساحر بكل المقاييس، فكان مثالا لنجاح التكامل بين النص والرؤية والإخراج والصورة.
أداء الممثلين كان بالغ العمق وبإحساس عال جدا، اتسم بالصدق والانسيابية والانفعال المتزن، وقد ظهر التناغم الجماعي واضحا بينهم، فكانت الحركة متقنة، والنبرة الصوتية محسوبة، والتواصل بين الأجساد على الخشبة جزءا من لغة العمل لا تكلف فيها ولا افتعال، واستحقوا ثناء الجمهور على هذا الأداء. وفي نهاية العرض ظهر التأثر على مخرج العمل فهد العثمان الذي أجهش بالبكاء أمام تصفيق الحضور له وكان حاملا صورة تجمع نسختين له، إحداهما وهو بشكله الحالي، والأخرى من زمن الطفولة في رسالة تؤكد أن أحداث العرض تناولت قصة حياته.
إقرأ المزيد


