جريدة الراي - 11/13/2025 10:04:20 PM - GMT (+3 )
فيما اختُتمت اليوم، فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان «المونودراما الدولي» على مسرح متحف الكويت الوطني، بعرض من دولة قطر عنوانه «ماسح الأحذية»، شهد المهرجان مساء الأربعاء، 3 عروض مسرحية أولاها من دولة الكويت بعنوان «عرجوب» وثانيها من الجزائر بعنوان «السجين 33»، وثالثها من إسبانيا بعنوان «Medea -Treno».
«كوميديا سوداء»
فقد سارت مسرحية «عرجوب» طريق السخرية من الواقع المرير، بما يطلق عليها الكوميديا السوداء، كما أنها تعالج قضايا مهمة في واقع المجتمع.
العرض من إعداد وإخراج مشعل العيدان، وتأليف موسيقي محمد النصار، وهو مأخوذ عن نص «رحلة حنظلة» للكاتب سعد الله ونوس، حيث استلهم شخصية مهرج اسمه «عرجوب المعرجب»، الذي يعيش حياته في سلام وتصالح مع نفسه، ولكن ولأسباب مجهولة وغير واضحة المعالم يجد أن حالته تنقلب رأساً على عقب فجأة.
ونظراً لشخصيته المسالمة، فإنه يقف عاجزاً عن تدارك تلك الأحداث، فيبدأ برحلة البحث عن سبب المصائب بأسلوب كوميدي ساخر.
وأدى مشعل العيدان هذا الدور باقتدار من خلال تطويعه للغة الجسد وحركات الأيدي والتنقل من مكان لآخر في فضاء المسرح، ومناجاته لنفسه، ثم مناجاته لغيره من الشخصيات التي يقوم هو نفسه بتأديتها، وهذا الأمر أسهم بشكل خلاق في التواصل مع المتلقي وتفاعله معه.
«الخوف والطمأنينة»
أما عرض «السجين 33»، فقد حمل جملة من المشاعر الإنسانية التي تتعلق بالإنسان الباحث عن الأمان والطمأنينة، بينما السجن يحيط به من كل اتجاه.
المسرحية من إخراج باديس نارح، وتمثيل وسينوغرافيا مختار زعيتري، وقد أضاءت على أمور تتعلّق بالحرية والخوف من العالم الخارجي، حيث يتجسد في قضبان سجن العقل، الصراع الداخلي الذي يُقابله أمل الخروج بالشجاعة لمواجهة المجهول.
ومن خلال ديكور بسيط، تدور فيه أحداث العرض، لا يضم إلا فراشاً وغرفة شبه مظلمة، يتحرك الممثل الوحيد في العرض مختار زعيتري على الخشبة، متنقلاً من اليمين إلى الشمال في خطوات سريعة تارة وبطيئة تارة أخرى - وسط إضاءة خافتة، وهو يخاطب حارس الزنزانة من خلال ما يحس به من مشاعر متداخلة، تجعله في بعض الأحيان متفائلاً وهو يستحضر الأحلام، والذكريات التي جمعته مع ابنة الجيران الصماء التي أحبها، وشغف بها حباً رغم أنها لا تسمع ما يقول ولكن يستشعر أنها تحس به بكل مشاعرها.
وفي أحيان أخرى حزينة، حينما يتعلق الأمر بحديثه عن الحرية، التي فقدها ورغبته بصفته شاباً مقبلاً على الحياة، في أن يكوّن أسرة، زوجة وأبناء.
«انتقام ميديا»
في حين، حمل العرض الإسباني «Medea -Treno»، صرخات المرأة الحقيقية منذ القدم، والذي جعل من شخصية «Medea» (ميديا) رمزاً للتمرد تارة وللجنون طوراً، بعدما ارتبطت بخطاب القوة، فهي المرأة العاشقة التي تمردت على الأب المتسلط، لتتزوج بمن عشقت بل وتهرب معه.
وتعتبر قصة «ميديا» من أشهر المآسي الإغريقية التي كتبها يوربيديس، وهي من أكثر الأعمال التي تناولت مأساة المرأة بين العشق والخيانة والانتقام.
فقد خانها زوجها «جاسون» وتخلى عنها ليتزوج ابنة «ملك كورنثه» طمعاً في السلطة والمجد.
وغرقت «ميديا» في صراع داخلي رهيب بين حبها القديم له وغضبها العارم لما فعله بها، وهي التي ضحّت من أجله بكل شيء، إذ خانت أهلها وساعدته في الحصول على الجُزر الذهبية، وقتلت أخاها أثناء الهروب، وتركت وطنها وأباها،لكنها وجدت نفسها في نهاية المطاف غريبة منبوذة وخائنة مهجورة.
حينها قررت «ميديا» أن تنتقم انتقاماً يخلّد اسمها في الذاكرة المسرحية، فأرسلت إلى العروس الجديدة هدايا مسمومة، ثوباً وتاجاً ذهبياً، وبمجرد أن لبستهما الأميرة اشتعلت بهما النيران، ومات الملك أبوها عندما حاول إنقاذها.
لكن الانتقام الأكبر، والأقسى على نفسها، كان عندما قتلت ابنيها بيديها حتى تحرم «جاسون» من أعزّ ما يملك، وتتركه يعيش في عذاب أبدي لا يُحتمل.
إقرأ المزيد


